(فرع)
  سب المؤمن زكاة له وزيادة له في حسناته. والثاني أن يريد به أن سبهم لي لا ينقص في الدنيا من قدري بل أزيد به شرفاً وعلو قدر وشياع وهكذا كان فإن الله تعالى جعل الأسباب التي حاولت بها أعداؤه النقص منه: عللا لا تنشأ رصيته في مشارق الأرض ومغاربها وقد لمح هذا المعنى أبو نصر بن نباتة فقال للشريف الجليل محمد بن عمر العلوي |:
  فأبوك الوصي أول من شاد ... منار الهدى وصام وصلى
  نشرت حبله قريش فاعطته ... إلى صبحة القيمة فتلا
  قال في الجامع الكافي قال محمد وإذا أكره الرجل على البراءة من علي بن أبي طالب # كما تفعل الخوارج فلا تفعل قال وعن علي # إذا دعيتم إلى البراءة مني فمدو الرقاب.
  قال الحسن ¥ وإنما دل محمد على أن الأفضل لمن أكره على البراءة من علي. إذا تهدد بالقتل: أن يصبر على القتل ولا يبرأ من علي. كما أن الأفضل لمن أكره على الكفر بالله وعلى شتم النبي ÷. أن يصبر على القتل ولا يكفر بالله ولا يشتم ويكون أعظم لأجره فإن كفر بالله وشتم النبي ÷ وقلبه مطمئن بالإيمان وسعه ذلك إنشاء الله لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦] وكذلك من أكره على سب أمير المؤمنين وشتمه والبراءة منه ففعل ذلك وقلبه مطمئن بحبه وولايته فوسع له لأن سب الله وشتمه أعظم من سب رسول الله ÷ وسب أمير المؤمنين وشتمها.
  قلت: وهذا كلام وجيه وإذا جاز السب عند الاكراه والوعيد لمن تقدم ذكره وعلا أمره وشرف قدره جاز السب عند الاضطرار للمسلم من دون ما يحصل عليه بسبب السب اضرار عليه لانه مع الضرورات تباح المحظورات.
  وأما مع تضرر المسبوب فلا يجوز فقد أخرج الترمذي عن أبي بكر قال قال رسول الله ÷ «ملعون من ضار مؤمنا أو مكر به» وقال ابن أبي الحديد في قول علي # فأما السب فسبوني وأما البراءة فلا تبروا مني لا فرق بين السب والبراءة في الإباحة عند الأكثر من المعتزلة انتهى.