الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب من ينبغي أن يولى وصفة القاضي)

صفحة 43 - الجزء 5

  ÷ «اكرموا الشهود فإن الله يخرج بهم الحقوق ويدفع بهم الظلم».

  وينبغي للحاكم الحث على الصلح قال الله تعالى: {أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ}⁣[النساء: ١١٤].

  وفي الجامع الكافي قال محمد: وللقاضي أن يصلح بين الناس ما لم يتبين، له الحق بلغنا أن النبي ÷ أتاه رجلان فقال لهما «اقتسما واستها وليحلل كل منكما صاحبه».

  وفيه قال: وإذا بان للحاكم القضا وعلم وجه الحكم فلا ينبغي أن يأمر بالصلح ولا يؤخر الحكم إلى وقت آخر لأن رسول الله ÷ قال لعلي # «لا تُؤَخِّرَنَّ حقا لغد».

  وروي عن عمر قال: إحرص على الصلح ما لم يتبين لك القضا.

  وفيه وروي بإسناد عن النبي ÷ أنه رأى رجلا يلازم رجلا فقال المطلوب لا والله ما هي عندي فقال النبي ÷ «خذ الشطر ودع الشطر».

  وقد كره بعض العلماء أن يصالح القاضي بين الخصمين بشيء من عنده ولم يبلغنا أن أحداً من القضاة فعل ذلك إلا قاضيا لعمر فعزله عن القضا.

  وبلغنا أن هرون صلى الله عليه كان يصلح بين بني إسرائيل ولم يكن موسى يصلح بينهم لأن الإمام المقلد للاحكام وإنما عنده فصل القضا.

  قلت: وقد صح عن النبي ÷ [فيما] أخرج البخاري وغيره عن كعب بن مالك أنه كان له على عبد الله بن ابي حد رد الأسلمي دين فلزمه فتكلمها حتى ارتفعت اصواتها فمر بها النبي ÷ فقال: «يا كعب» واشار بيده كأنه يقول: النصف، فأخذ نصف ما عليه وترك نصف فإشارة النبي ÷ مما تبطل قول من قال بأن القاضي ليس له أن يصالح والله أعلم.

  قال في الجامع الكافي: قال محمد: ينبغي للقاضي إذا زاره رجل أو نزل به ضيف فعلم أن له خصما أن يخرجه من عنده ولا يقر به ليلا كان أو نهارا وروي عن على أنه نزل به رجل فأضافه ثم أخبره أنه يريد أن يخاصم إليه فقال له علي # تحول عنا فإن رسول الله ÷ نهى أن نضيف الرجل إلا ومعه خصمه.