الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب القول في حد القاذف)

صفحة 88 - الجزء 5

  فَصَبَّ عليهم مُحْصَبَاتٍ كأنَّها، ... شآبيب. قَطْرٍ من ذُرى المُزْن تسفح.

  والشرط هو أن يصدر القذف بالزنا على محصن وهو كونه حرا مكلفا مسلا عفيفا غير أخرس من مكلف على أي صفة كان لعموم قوله تعالى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ}⁣[النور: ٤] الآية. وهو كبيرة. وحقيقته هو الرمي لمن ظاهره الستر بالفجور وكبره معلوم من ضرورة الدين لتعقيب لعن من صدر منه بما دل عليه قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٢٣}⁣[النور] وما بعده من الآيتين.

  ووجه اشتراط كال الصفات المذكورة في المقذوف، أما شرط البلوغ والعقل فبالاجماع، وكونه حرا فلأن الرق لا يتصف بالإحصان حال الرقية، وكونه مسلا لقوله ÷ «من أشرك بالله فليس بمحصن». قال في التلخيص لابن حجر: روي هذا الحديث عن ابن عمر مرفوعا وموقوفا. ورجع الدارقطني وغيره الوقف، وكونه عفيفا لأن الفاسق المجاهر بالزنا لا يتصف بالإحصان وهو العفاف، وكونه غير أخرس إذ الأخرس لا حدَّ عليه.

  وقولنا: هو كبيرة لما في الشفا خبر:

  وروى أبو هريرة «أن النبي ÷ قال: إجتنبوا السبع الموبقات. قالوا: يا رسول الله: وما هن قال: الإشراك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات». وقد أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عنه.

  وفي البحر «وقوله ÷ قذف المحصنات يحبط عمل⁣(⁣١) سنه». قال الجبني في تخريجه: أخرجه البزار والحاكم والطبراني في معاجمه بلفظ «ان قظف المحصنة ليهدم عمل مائة سنة».

  وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله


(١) هكذا في الأصل بخط المؤلف وفي البحر في باب حد القذف «وقوله ÷: قذف محصنة يحيط عمل مأة سنة ويدل عليه ما ذكره هنا انتهى.