الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 172 - الجزء 5

  في مجموع الامام زيد بن علي #: عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي # أن شاهدين شهدا على رجل أنه سرق سرقة فقطع يده ثم. جاءا بآخر فقالا يا أمير المؤمنين: غلطنا هذا الذي سرق والأول بريء فقال #: عليكما دية الأول ولا اصدقكما في هذا الآخر ولو أعلم أنكما تعمدتما قطع يده لقطعت أيديكم. وهو في الشفا منسوبة الرواية إلى زيد بن علي #.

  دل على ان حَدَّ يدين بيد واحدة يصح عنده # ولم يحك خلاف عن غيره، فجرى مجرى الإجماع عند بعض علمائنا ودل على أن جماعة لو شهدوا عند الإمام على رجلٍ بما يوجب قتله فقتله بشهادتهم ثم رجعوا عنها وأقروا بالعمد: وجب القتل على كل واحدٍ منهم ويدل على ذلك خبر أبي بكر، وهو قوله لمن قتل بشهادته: إنساناً لو علمت أنك تعمدت لقتلتك به. ولا مخالف لهما في الصحابة فدل ذلك على ما قلناه.

  ومن قطع يداً فسرت إلى النفس اقتص منه بالقطع إن لم يمت، فإن مات قتل لقوله تعالى {فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}⁣[النحل: ١٢٦] ولأن القصاص شرع لشفاء الغيظ، والمماثلة معتبرة.

(فَصْلٌ)

  قال الله تعالى {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ}⁣[البقرة: ١٧٨]

  في الجامع الكافي: فيمن عفى عن القصاص: روى محمد بإسناده عن عبادة بن الصامت قال: «قال رسول الله ÷: من تَصَدَّقَ من جسده بشيء كفر الله عنه بقدره

  من ذنوبه».

  وعن أبي الدرداء قال: «سمعت رسول الله ÷ يقول: ما من رجل يصاب بشيءٍ من جسده فيهبه إلا رفعه الله به درجة، وحط عنه بها خطيئة». وقد أخرج معناه الترمذي مع زيادة. وعن مجاهد: فمن تصدق به فهو كفارة له.