الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب النجاسات) [الاستنزاه من البول]

صفحة 185 - الجزء 1

  وقيل أن المراد أن تذكي قبل أن تموت، فينتفع بإهابها، والله أعلم، وهذا الخبر في أصول الأحكام.

  وفيه أيضاً أخبرنا أبو العباس قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن شنبذين قال: حدثنا عمرو بن ثور قال: حدثنا الفريأبي عن زمعة، عن أبي الزبير، عن جابر قال: «نهى رسول الله ÷ أن ينتفع من الميتة بشيء». قال المؤيد بالله # في تحريم إلأنتفاع بجلد الميتة: والاظهر فيه أنه إجماع أهل البيت $.

  قلت: وقد روى في الجامع الكافي خلاف أحمد بن عيسى @ في جلود الميتة والسباع، والحسن بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي $ في جلود ما يُؤْكل لحمه مع الْلّبْس ولا يجيز بيعها معه. والاحوط ما تقدم.

  واستدل القاسم # على ذلك بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}⁣[المائدة: ٣]. لم يرد أن الميتة نفسها محرمة على التحقيق، وإنما المحرم أفعالنا فيها، لأن الميتة فعل من أفعال الله تعالى يستحيل أن يتناولها التحليل والتحريم، فإذا ثبت ذلك كان التحريم مُتَنَاوِلاً جميع أفعالنا فيها، فثبت تحريم دبغه، وتحريم مسِّه، وإلأنتفاع به على كل وجه، إلا ترى أنه لا فعل يشار إليه من أفعالنا فيها إلا ويحسن الاستثناء منه. ومن شأن الاستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله فيه، فإذا ثبت ذلك ثبت تنجيسه، إذ كُلُّ ما يحرم إستعماله على كل وجه فواجب تنجيسه.

  واما ما روي مرفوعاً: «أيما إهاب دبغ فقد طهر». وما روي مرفوعاً: «إذا دبغ الارهاب فقد طهر». فعموم الآية حاظر، وعموم الخبرين مبيح، ولا شك أن الآية معلومة، والخبر مظنون وترجيح الحظر على الاباحة أحوط وأسلم، وما روي عن النبي ÷ في جلد الميتة وأن دباغها طهورها؛ ففي بعض طرقه عكرمة مولى ابن عباس ¥، وكان كذّاباً، كما هو مذكور في كتب الجرح والتعديل، وكان يبغض علياً #، ولا يبغضه إلا منافق. وفي بعض طرقه الزهري، وكان صاحب شرطة بني أُمية، ولا يختلف الناس أنه كان يأخذ جوائزهم، ورواه عنه يونس بن يزيد مولى معاوية. قال: وكيع كان سيء الحفظ. رواه ابن حنبل وقال: