الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب مالا يوجب القصاص)

صفحة 192 - الجزء 5

  بظهر قبأ إذ لقى الحارث بن زيد فلما رآه حمل عليه فقتله. فقال له الناس: ويحك أيَّ شيء صنعت انه قد أسلم. فرجع عياش «الى رسول الله ÷ فقال: يا رسول الله: كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت، وإني لم أشعر بإسلامه حتى قتلته. فنزل جبريل # بالآية {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً}⁣[النساء: ٩٢].

  وحقيقة قتل الخطأ ما وقع بسبب أو من غير مكلف أو غير قاصد للمقتول أو ظن استحقاقه كقتل من كان أصله الكفر أو قاصد للقتل بما مثله لا يقتل في العادة. فالخطأ لا قود فيه إجماعا بدليل قوله {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا}⁣[النساء: ٩٢].

  قال في الجامع الكافي: قال محمد: واذا قتل رجل رجلا خطأ وجبت ديته على عاقلة القاتل وعليه الكفارة وصفةٍ قتل الخطأ أن يرمي شيئاً أو يضربه بحديدة فيصيب إنساناً فيقتله وكذا لو ضربه ضربة بسوط أو بعصى لا يقتل مثلها فقتله، وكذا لو وكزه أو لكزه أو لكمه أو لطمه وليس له ضربة. وكذا لو رماه بحجر أو غيره ما هو لا يقتل مثله فهو خطأ وكذا لو رماه بحية فنهشته أو بعقرب أو زنبور فقتله، وكذا لو صاح به وهو على حرف أو شرف فافزعه فسقط فمات. وكذا لو أوطأه بداية وهو يسير عليها فقتله. فذلك كله خطأ وعليه الكفارة. وعلى العاقلة الدية. ذكر نحو ذلك عن النبي ÷ وهذا هو المعول عليه عند أهل العلم قبلنا. وقال أهل المدينة: ليس الخطأ إلا أن يريد شيئا فيصيب غيره. وفي قولهم أنه إذا وكزه أو لطمه متعمداً أو رماه بجوزة أو بندقة أو أصغر منها مما لا يقتل مثله فقتله أن ذلك عمد يقاد به. وقال أبو حنيفة: هو شبه العمد، وقال جماعة من فقهاء الكوفة إذا رماه بحية فنهشته فورها فهو عَمْدٌ يقاد به انتهى وهو تحقيق واف.

  وهو نوعان مسبب ومباشر فالمباشر كوطاء دابة الراكب عليها، والمسبب كالموضوع بتعد في حق عام.

  في أصول الأحكام والشفا خبر: وعن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي $ قال: الخطا ما أراد القاتل غيره فأخطا فقتله. وهو: اجماع.