الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حجة القول بوجوب العرض على كتاب الله لمعرفة درجة الصحيح]

صفحة 17 - الجزء 1

[حجة القول بوجوب العرض على كتاب الله لمعرفة درجة الصحيح]

  هذا واعلم أن أعتماد طوايفَ على العمل بما يغلب في الظن بصحته، من جميع ما يروى عن النبي ÷ مع ما يُرى من الخطا، ولا يوجبون العرض على كتاب الله ø مطلقًا، وجميعَ من قدّمتُ ذِكره من أهل الكتب المشهورة لا يشترطون عرض الأحاديث على كتاب الله إذا قد وافق اعتبارهم، كما تقدم من الشروط، ومبناه على العمل بما يظن صحته على ما يعتبرونه من الشروط لا مطلقًا، وبعض المتكلمين لا يقبل إلا ما رواه اثنان قصاعداً، وفي حد الزنا أربعة فصاعداً. ولا يوجبون العرض على كتاب الله فيما لم يُتَلَقَّ - بالقبول، أو لم يكن متواترًا. ومرجع ذلك كلِه إلى الظن.

  وهذا أحد أسباب الاختلاف والتفرُّق في الدين الذي نهي الله عنه.

  وإذا تدبرت هذه الاعتبارات فإنَّ المتواتر معلوم الصحة - لا تختلف في ذلك الأمة، والمُتَلَقّي بالقبول صحيح لقوله ÷ لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، وقوله ÷: «لا تجتمع أمني على ضلالة». والكل من الأمة تحكم بصحته، بعد تلقيهم بالقبول، تحكم بصحته.

[تأكيد وجوب العرض على كتاب الله فيما اختلف فيه من الأحاديث]

  وأما ما اختلف فيه - من الحديث، وكان له في كتاب الله شاهد بصحته، فكذلك، لقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}⁣[الإسراء: ٩] وقوله: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ٤٢}⁣[فصلت] وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ}⁣[آل عمران: ٢٣] والأدلة على صحة هذه الطريق كثيرة.