الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 259 - الجزء 5

  حكم الوصية ممن لا وارث له.

  في الجامع الكافي: وإذا أوصى رجل لا وارث له بجميع ماله قلت: أو تزوج أو أنفذ قال محمد: سألت أحمد بن عيسى عن رجل مات فلم يدع وارثا وأوصى بجميع ماله لأجنبي فرأى أن المال للأجنبي وقال هو ماله يفعل فيه ما شاء. قال محمد: والقول عندي كما قال هو ماله يضعه حيث يشاء ويوصي به لمن شاء وهو قول علي سلام الله عليه وابن مسعود. وفي الشفا خبر وعن عبد الله بن مسعود أنه قال: ليس حي من العرب أحرى أن يموت الرجل منهم ولا يعرف له وارث منكم يا معشر همدان وإذا كان كذلك فليضع ماله حيث أحب.

  دل على أن بيت المال ليس بوارث حقيقة وأن الموصي بجميع ماله حيث لم يكن له وارث أنه ينفذ الجميع.

  قلت: وقد دل عليه حديث سعد بن أبي وقاص بقوله ÷ «ان تترك ورثتك اغنيا خير لك من أن تتركهم فقراء إعالة يتكففون الناس» اذبيت المال لا يتكفف والله اعلم.

(فَصْلٌ)

  قال الله تعالى {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩}⁣[النجم] دل على أن ما يفعله الغير عن الميت من أعمال البر من حج وصدقة وعتق ونحوها فهو للحي دون الميت إلا أن يكون الميت أوصى كما تقدم في الحج ذكر ذلك مستوفى. وقال في الهداية للعلامة إبراهيم بن محمد الوزير ¦: ولا يلحق ميتا ثواب قربة تفعل له غير الدعا وذلك لقول الله تعالى {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥}⁣[الشورى] وقال تعالى {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}⁣[غافر: ٧] وقال تعالى {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}⁣[محمد: ١٩] وقال تعالى {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا