الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب صفة الإمام الذي تجب طاعته)

صفحة 399 - الجزء 5

  وفيه قال رسول الله ÷ «سيفا العرش وليسا بمعلقين»⁣(⁣١) قال أخرجه البخاري في التاريخ عن عقبة بن عامر.

  قلت: ومعنى السيادة على أهل الجنة هي استحقاقهم الولاية على المسلمين في الدنيا لأن الجنة ليست الا للمسلمين المؤمنين وهم المعبر عنهم بأهل الجنة. وفي هذه الأخبار من كتب الأئمة الاطهار ومن كتب المحدثين، ناقلي الآثار، عن النبي ÷ كفاية لأهل الاعتبار، فربك يخلق ما يشاء ويختار.

  ولما تم الدليل ووضح الحق لمن أراد سلوك سواء السبيل في ثبوت الإمامة للثلاثة أئمة الهدى À فلنتكلم لمن تثبت له الإمامة بعدهم وتجب بما أخبر به النبي المصطفى أمِيْنُ وحي الله محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ÷ كما ذلك علينا من الفروض التي تجب على كل مؤمن محب لقوله تعالى {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}⁣[آل عمران: ١٨٧].

  قال فيّ الجامع الكافي ثم أخبرنا النبي ÷ كيف الإمامة بعد هؤلاء المسميين بأعيانهم يعني بعد علي والحسن والحسين فقال: «إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنهما لَنْ يفترقا حتى يردا عَليَّ الحوض ألا وهما الخليفتان من بعدي» فبين بهذا الكلام فرض الإمامة والإمام كيف هو في كل عصر من الأعصار والازمان إلى الأبد أنه على هذه الشريطة التي شَرّط وهي: لزوم الكتاب.

  قلت: مع كونه من نسل فاطمة والمرتضى أبي تراب فإذا كان من آل رسول الله ÷ رجل عالم بكتاب الله وسنة رسول الله ÷ عامِلٌ بذلك فهو الإمام دل عليه رسول الله ÷ في كل عصر وزمان على المسلمين الأخذ عنه حلالهم وحرامهم وسنن نبيهم فإذا دعاهم إلى نصرة الحق وجب عليهم نصرته ولن يخلو أهل بيت رسول الله ÷ في كل عصر وزمان أن يكون فيهم مأمون على كتاب الله وسنة نبيه عَلِمَه من عَلِمَه وجَهِلَه من جَهِلَه لقول رسول الله ÷: لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فهذا إجماع من مضى من آل رسول الله ÷ الأتقيا الأبرار الذين يقتدي بهم فقد بين رسول الله ÷ ولم يدع لاحد فيها اختيارٌ انتهى من جامع آل محمد ÷.


(١) كذا في الأصل ولعل في الحديث سقط من أوله.