الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل)

صفحة 405 - الجزء 5

  فهذا الشرط الأول من الشروط.

  ومنها أن يكون مجتهداً إجماعاً ليتمكن من إجراء الشريعة المطهرة على قوانينها وإذ هم قرناء الكتاب الذين لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى ورود الحوض ولا مقارنة لكتاب الله إلا بعلم أحكامه والعمل بما تضمنه.

  وبهذا التضمن دخل شرط العدالة في الإمام ولأنه إجماع السلف وهو ينطوي على الورع الشحيح والشجاعة، والسخاء. وقد بلغ الكمال فيها سيد المرسلين ثم أمير المؤمنين سلام الله عليهما وإذ تلك شرط في كمال العدالة وقد ذكرت ضمنا في الكتاب العزيز. بتضح لمن تدبره.

  وأن يكون في التدبير أكثر رأيه الإصابة فحق أن من كملت فيه الشروط المتقدمه أنه قد كمل تدبيره وعز أن يوجد نظيره.

  قال في البحر وندب إتّصافه بالزهد في ايثار اللذات المباحة وقلّة رغبته في الدنيا وزخارفها ورغبته في الآخرة وأن يكون سلس القياد لين العريكة.

  ودليله قوله تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}⁣[آل عمران: ١٥٩] الآية.

  لا تأخذه في الله لومة لائم فيما يأتي ويذر.

  وقد أخرج في الموطأ عن عائشة أنها قالت: ««ما خير رسول الله ÷ أمرين قط إلا اختار أيسرهما ما لم يكن، إثما، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله ÷ لنفسه إلا أن تهتك حرمة الله فينتقم لله بها.

  ومنها كونه مكلفاً ذكراً حرا فهو معتبر بالإجماع بين الأمة وإذ غير المكلف ممن رفع عنه القلم كما سبق دليله، وغير الذكر لا يصلح لها لقوله ÷ «ما أفلح قوم تولى أمرهم امرأة» وهو من الحديث المتفق على صحته ففي البخاري عن أبي بكرة قال لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله ÷ بعد إن كدت ألحق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم قال: لما بلغ رسول الله ÷ أن أهل فارس ملكوا معهم، أمرهم بنت كسرى قال: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم إمرأة» وللترمذي نحوه وللنسائي قريب منه.