(باب في أحكام قتال الكفار أهل الحرب والغزو)
  حكم سعد بن معاذ فأبوا وقالوا: ارسل الينا أبا لبابة وكان مناصخاً لهم لان ماله وعياله وولده. كانت عندهم فبعثه رسول الله ÷ فأتاهم فقالوا يا أبا لبابة ما ترى أننزل على حكم سعد بن معاذ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه أنه الذبح فلا تفعلوا قال بو لبابة: والله ما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله. فنزلت فيه هذه الآية فلما نزلت شد نفسه على سارية من سواري المسجد قال: والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو يتوب الله على فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاماً حتى خر مغشياً عليه ثم تاب الله عليه فقيل له يا أبا لبابة قد تُيْبَ عليك فقال: لا والله: لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله ÷ هو الذي يحلني فجاءه رسول الله ÷ فحله بيده. ثم قال ابو لبابة: من تمام توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي، فقال رسول الله ÷ «يجزيك الثلث أن تصدق به».
  وأخرج البخاري ومسلم قريبا منه عن عائشة قالت أصيب سعد يوم الخندق رماه رجل من قريش يقال له حبان بن العرقة رماه في الاكحل فضرب عليه رسول الله ÷ خيمة في المسجد ليعوده من قريب. فلما رجع رسول الله ÷ من الخندق: وضع السلاح واغتسل فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغسل فقال: قد وضعت السلاح والله ما وضعته أخرج إليهم. قال النبي ÷ إلى أين فأشار بيده إلى بني قريظة. فأتاهم النبي ÷ فنزلوا على حكمه فرد الحكم إلى سعد بن معاذ قال إني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة وان تسبى الذرية وأن تقسم أموالهم.
  وأخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد قال: «نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ فأرسل رسول الله ÷ إلى سعد بن معاذ فأتى على حمار فلما دنى من المسجد. وقال مسلم: قريبا من المسجد قال للانصار: قوموا إلى سيدكم أو قال: خيركم فقالوا: هو لاء نزلوا على حكمه قال: قتل مقاتلهم، وسبى، ذراريهم، فقال رسول الله ÷: قضيت بحكم الله وربما قال بحكم الملك. ولمسلم: لقد حكمت فيهم بحكم الله وقال مرة: بحكم الملك».
  دلت هذه الأخبار على أنه يجوز لإمام الحق إذا حوصر أهل الحرب أن يستنزلهم على حكم من يوثق بمعرفته ودينه وورعه من عقلاء الرجال. ودل على أنه: لا يجوز النصيحة للكفار ممن طلبوا منه النصيحة وعلى أنه لا يجوز الخيانة للمسلمين. وَدَلَ على أن الإنبات يقع به البلوغ وأنه لا يجوز قتل النساء والصبيان. وأن النذر