الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب حكم امان المسلمين لأهل الشرك)

صفحة 503 - الجزء 5

  وفيه عن ابن شهاب أن رسول الله ÷ قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب، قال مالك: قال ابن شهاب «ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه الثلج واليقين أن رسول الله ÷ قال: لا يجتمع دينان في جزيرة العرب فأجلى يهود خيبر» قال مالك: وقد اجلى عمر يهود نجران وفدك فأما يهود خيبر فخرجوا منها وليس لهم من الثمر ولا من الأرض شيء وأما يهود فدك فكان لهم نصف الثمر ونصف الأرض فأقام لهم عمر نصف الثمر ونصف الأرض قيمة من ذهب، وورق، وإبل وحبال وأقتاب، ثم أعطاهم القيمة وأجلاهم منها قلت: وظاهر كلام الهادي في الأحكام خلاف ما في الموطأ قال فيه أبي في الأحكام وأرض أجلى عنها أهلها وخلوها من قبل أن يوجف عليهم بخيل أو ركاب مثل فدك. وقال في شرح التجريد للمؤيد بالله #: صح بالأخبار المتواترة أن فدك لما أجلى عنها أهلها من غير أن يوجف عليهم بخيل ولا ركاب: صارت الرسول الله ÷ قال الله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ}⁣[الحشر: ٦] فبين أن ما أفاء الله على رسول الله ÷ هذه صفته انتهى.

  وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس «أوصى رسول الله ÷ بثلاثة أشياء: إخراج اليهود من جزيرة العرب، واجيزوا الوفد ما كنت اجيزهم» قال ابن عباس: ونسيت الثالثة.

  وفي التلخيص حديث أبو عبيدة بن الجراح: آخر ما تكلم به النبي ÷: أن قال «أخرجوا اليهود من الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب».

  وأخرج أحمد والبيهقي بلفظ «اخرجوا يهود أهل الحجاز» والباقي مثله وهو في مسند مسدد وفي مسند الحميدي أيضا.

  قال في الهداية للسيد العلامة إبراهيم بن محمد الوزير سلام الله عليه: ولهم سكون جزيرة العرب بإذن المسلمين غير الحجاز فلا يدخلونه إلا بإذن الإمام المصلحة، ولا يقيمون فيه فوق ثلاثة أيام، قال في حاشيتها والحجاز: مكة، والمدينة، واليمامة، ووج الطائف ومخاليفها، انتهى.