الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب) (في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

صفحة 544 - الجزء 5

  مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ١٦٤}⁣[الأعراف] والمعذرة إلى الله لا يكون عما لا يجب إنما يجب ذلك ريثا يتحول المتمكن من الهجرة إليها انتهى وهو كلام حق لما روي عن ابن عباس انه قال والله ما سمعت الله سبحانه يذكر انه نَجَّا الا الفرقة التي نهت واعتزلت ولقد اهلك الفرقتين جميعا.

  ومثله ذكر الإمام القاسم الرسي # في كتاب الهجرة. ولا يكونان إلا بالأرفق فان لم يتما به وجبت المدافعة عن ارتكاب المحظور إلى حد القتل لإجماع العتره $ على وجوب إزالة المنكر بأي وجه ولا يفعل الأشد إن كفى

  الأخف فيجب انكار اغتياب من ظاهره الستر لقوله تعالى {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}⁣[الحجرات: ١٢] وقوله ÷ «الغيبة أشد من الزنا» وأخرج بن أبي الديني عن أنس قال: قال رسول الله ÷ «من اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره وهو يستطيع نصره أذله الله في الدنيا والآخرة» والغيبة هي: أن يذكر الغائب بما فيه لينقصه بما لا ينقص دينه.

  اخرج أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷ الغيبة ذكرك أخاك بما يكره إلا إشارة أو جرحاً أو شكآءً لقوله ÷: «أُذكروا الفاسق بما فيه لكي يحذره الناس» وقوله تعالى {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ}⁣[النساء: ١٤٨] وفي أسباب النزول للواحدي قال مجاهد إن ضيفا تضيف قوما فأساءوا قراه واشتكاهم، فنزلت هذه الآية رخصة في أن يشكوهم.

  وتلزم التوبة من كل معصية والاعتذار من المغتاب الى من اغتابه ويعلمه بالتوبة إن علم وإلا تاب سرا من دون إعلان وكذلك يعلم بالتوبة من كل معصية من اطلع على صدورها منه: ليرفع عن نفسه التهمة لقوله ÷ «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقف مواقف التهم».

  وقد أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ÷ «من أطفأً عن مؤمن سيئة كان خيراً من أحيا موءودة».