الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(باب الموالاة والمعاداة)

صفحة 556 - الجزء 5

  تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}⁣[آل عمران: ٣١] قال أخرجه الحكيم، والحاكم في المستدرك، وأبو نعيم في الحلية.

  ولنختم هذا الباب بما رواه في أمالي الإمام ابي طالب # قال الإمام السيد أبو طالب #: أنبأنا أبو الحسن علي بن مهدي الطبري قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد قال: حدثنا ابراهيم بن بسطام الأزدي الوراق قال: حدثنا عقبة بن أبي الصهبة قال: لما ضرب ابن ملجم لعنه الله عليًّا #: دخل الحسن وهو باك فقال له علي #: ما يبكيك يا بني؟ فقال الحسن #: ومالي لا أبكي وأنت في أول يوم من الآخرة وآخر يوم من الدنيا فقال: يا بني احفظ أربعا وأربعا لا يضرك ما عملت معهن بشيء فقال # ما هن يا امير المؤمنين؟ قال: اعلم أن أغنى الغنى العقل، وأكبر الفقر الحمق، وأوحش الوحشة العُجب، وأكبر من الحسب حسن الخلق، فقال الحسن يا أبت: هذه الأربع فاعطني الأربع. قال: يا بني إياك ومصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، وإياك ومصادقة الكذاب فانه يقرب عليك البعيد ويباعد عنك القريب، وإياك ومصادقة البخيل. فإنه يقعد عنك أحوج ما تكون إليه وإياك ومصادقة الفاجر فانه يبيعك بالتافه اليسير.

  فدلت هذه الآيات وما بعدها من الأخبار على وجوب موالاة المؤمنين ومعاداة أهل الفسق ومعاندي الدين وهو معلوم من دين ÷ ضرورة وقد نبه عليه النبي ÷ بقوله «لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يرى لأخيه ما يرى لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه» أو كما قال:

  وحقيقة الموالاة: أن تحب لاخيك ما تحب لنفسك وتكره له كلما تكره لنفسك وحقيقة المعاداة للغير: أن تريد إنزال الضرر به وصرف المنافع عنه وتعزم على ذلك إن قدرت عليه ولم يعرض صارف يرجح الترك. ولا تكون الموالاه دينية إلا لكونها مولاة لله والمعاداة كذلك إلا لكونه عدواً لله.

  وأما الموالاة الدنيوية: فيجوز وإن كانت مكروهة إلا ما حرم الشرع منها: تعظيم الفاسق فلا يحل لقوله تعالى {وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً}⁣[التوبة: ١٢٣] ويحمل عليه