الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[الاجماع على عدالة الصحابة ليس على الاطلاق فيما يرونه]

صفحة 35 - الجزء 1

  وفيه قال ÷: «يَدْعُوهم إلى الجنة ويَدْعُونه إلى النار»، وستقف عليه إن شاء الله تعالى وهم بلا شك دعاة إلى النار. فكيف بصح دعوى الإجماع على قبول رواية من كان كذلك.

  وأخرج أحمد بن حنبل، والبخاري، ومسلم، والطبراني، عن جابر بن عبد الله عن النبي ÷ في أنه قال: «معاذ الله أن يتحدث الناس أني أَقتل أصحابي، إنّ هذا وأصحابه ليقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية».

  دل ذلك على أنه ليس لما قاله ابن الصلاح أصلٌ لأن النبي ÷ أشار في هذا الخبر إلى مَن رآه مجيباً لدعوته، وهذه حقيقة الصحابي عند ابن الصلاح وأهل مذهبه.

  (وأما الآيات والأخبار) فمخصصة بقوله تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ ١٠١}⁣[التوبة]. وبقوله تعالى في المنافقين: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ٢٦}⁣[محمد].

  وروى القاسم بن إبراهيم @ في الكامل المنير، عن النبي ÷ مِن حديث طويل أنه قال: «يا أيها الناس اسمعوا ما أقول لكم، إني سائلكم على الحوض، وإنكم واردون عليَّ الحوض - حوضًا أعرض ما بين صنعا إلى أيْلَة⁣(⁣١) فيه كعدد نجوم السماء أقداح إلي مصادقكم على الحوض يوم القيامة، ألا فإني مستنقذ رجالاً ويختلج دوني آخرون، فأقول: يا رب أصحابي أصحابي؛ فيقال: إنهم أحدثوا وغيروا بعدك، وإني سَائِلكم حين تردون علي الحوض عن الثقلين، فانظروا كيف تخلفوني فيهما قالوا: وما الثقلان يا رسول الله؟! قال: الأكبر منها كتاب الله. بين السماء والأرض،


(١) آبيله جبل بين مكة والمدينة قرب ينبع واد بين ينبع ومصر وإيلة بالكسر بلدة، وموضعان آخران أنتهي من القاموس باختصار.