الاعتصام بحبل المتين،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

(فصل) (في النكاح الموقوف)

صفحة 206 - الجزء 3

  صحته قول الله {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ}⁣[النور: ٣٢] والأيم يقع على الصغار والكبار فاقتضى عموم صحة ذلك جواز نكاح الصغار.

  ويدل على ذلك ما رواه أبو داوود في السنن بإسناده عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير انه «سأل عائشة عن قول الله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى}⁣[النساء: ٣] قالت يا ابن أختي هذه اليتيمة: تكون في حجر وليها فيعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها نُهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا على سنتهن من الصداق وأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن» وروى غير أبي داوود نحوه عن ابن عباس.

  وفي أسباب النزول للواحدي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}⁣[النساء: ٣] قالت: انزلت هذه الآية في الرجل تكون اليتيمة عنده وهو وليها ولها مال وليس لها أحد يخاصم دونها فلا ينكحها إلا لمالها ويضربها ويسيء صحبتها فقال الله تعالى {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ}⁣[النساء: ٣] يقول: ما أحللت لكم ودع هذه» رواه مسلم عن ابي كريب عن ابي اسامة عن هشام.

  وفيه: قوله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ}⁣[النساء: ١٢٧] الآية أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة قالت «إن الناس استفتوا رسول الله ÷ قالت {وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ}⁣[النساء: ١٢٧] الآية الأولى التي قال فيها {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى}⁣[النساء: ٣] قالت عائشة: وقال الله في الآية الأخرى {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}⁣[النساء: ١٢٧] رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن» رواه مسلم عن حرملة عن وهب ومعناه في أصول الأحكام والشفا.