كتاب العدل
حصول مشيئة المكلف
  لحصول مشيئة المكلف في فعل شيء أو تركه أسباب ودواعي، فإذا حصل السبب والداعي إلى فعل شيء حصلت الإرادة لفعله، وقد يحصل سببان متنافيان، سبب يدعو إلى فعل الشيء وسبب يدعو إلى تركه، فيميل المكلف إلى أقوى السببين، وإذا لم يقو أحدهما على الآخر تحير المكلف وتردد.
الأسباب والدواعي
  - الدواعي والأسباب التي تبعث على الإرادة في نفس المكلف ترجع إلى شيئين اثنين:
  ١ - علم المكلف أو ظنه أو توقعه لحصول منافع ومصالح على عمل معين، إذا عمله حصلت له تلك المنافع والمصالح.
  ٢ - حصول علم المكلف أو ظنه أو توقعه بأنه يترتب على فعل ذلك الفعل المعين أضرار مؤذية، فإنه ينفر عن ذلك الفعل ولا يريده، بل يريد تركه والابتعاد عنه.
  - ولما ذكرنا أكثر الله تعالى في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله ÷ من الترغيب في المنافع الأخروية والسعادة الأبدية في جنات النعيم، ومن التنفير عن العذاب الأليم الذي أعده الله تعالى للمجرمين في جهنم؛ فإن من شأن المكلف العاقل أن يرغب في طلب نعيم الجنة، وينفر من الأسباب الموقعة في عذاب جهنم.
  وقد يقال: لوكان الأمر كما ذكرتم لتدافع المكلفون إلى الأخذ بأسباب النعيم الأبدي، وابتعدوا عن أسباب العذاب الأليم.
  فيقال في الجواب: إن في نفس كل مكلف دواعي وأسباباً متنافية فيؤْثِر بعض الأسباب على بعض، فترك المكلفين للأخذ بأسباب السعادة الأبدية، وعدم الابتعاد عن أسباب العذاب الدائم هو لترجيحه الأخذ بأسباب النعيم العاجل، وإيثاره لدفع أسباب الضرر العاجل.