من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم التقاط الصبي للقطة]

صفحة 313 - الجزء 2

  بها، فإن كان للصبي مال لزم ولي الصبي أن يدفع ما ألزمه به الحاكم من القيمة، وإن لم يكن للصبي مال كان ما لزمه ديناً عليه إلى أن يحصل له مال، هذا على موجب ماذكره أهل المذهب.

  ويمكن أن يقال: إذا كان الصبي غير مميز فهو أقرب شبهاً بالأنعام، وحينئذ فلا يضمن إلا ما يضمن في جناية الأنعام، ويكون الضمان على وليه كما في الأنعام، هذا إذا كان الصبي غير مميز، فإن كان مميزاً فإنه يضمن لشبهه بالعقلاء.

[حكم التقاط الصبي لِلُّقَطة]

  سؤال: إذا التقط الصبي لقطة فكيف الحكم؟ وما هو اللازم؟

  الجواب والله الموفق: أن الصبي إذا التقط لقطة فإن اللازم على وليه انتزاعها منه، وتصير حينئذ لقطة في يد الولي تلحقها أحكام اللقطة، فإن تلفت اللقطة في يد الصبي أو ضاعت من يده كانت ضمانتها على الصبي في ماله.

  هذا، وإنما قالوا: إنه يجب على الولي انتزاعها من يد الصبي من أجل المحافظة على مال الصبي، فإنها إذا تلفت في يد الصبي كان الضمان على الصبي في ماله.

  نعم، ما ذكرناه هو المذهب كما في حواشي الشرح⁣(⁣١)، وقد جعلوا اللقطة غصباً في يد الصبي فلهذا حكموا بتضمين الصبي، ولم يذكروا الوجه في ذلك.

  ولعل الوجه في ذلك - والله أعلم -: أن التقاط الصبي جناية على مال الغير، وجنايات الصبيان مضمونة في أموالهم وإن كانوا غير مكلفين، ويمكن أن يدل على ذلك عموم قوله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}⁣[البقرة ١٩٤].

  هذا، وقد ضمنوا مالك الدابة إذا جنت على زرع الغير وهي غير مكلفة، فجناية الصبي أولى بالضمان، ولا وجه لتضمين الولي؛ لأنه غير مالك للصبي، فالصبي مالك لنفسه، فكان الضمان عليه في ماله دون مال الولي.


(١) شرح الأزهار ٤/ ٥٨.