من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حقيقة البيع

صفحة 31 - الجزء 2

  جائز. والذي لا يجوز هو معاونته على ما يحرم عليه، هذا ما ظهر لي، والله أعلم.

  فإن قيل: لو كان الأمر كما ذكرتم لجاز للمسلم أن يؤاجر نفسه مع الذمي لبيع الخمر والربا وبيع الخنازير ونحو ذلك.

  قلنا: لا سواء، فما ذكرناه مسألة خلافية بين علماء المسلمين، وقد قالوا: «كل مجتهد مصيب»، وحينئذ فحل أكل الدجاج المذكورة في السؤال وبيعها وشرائها مذهب معتبر في الإسلام؛ أما بيع الخمر و ... إلخ فشيء محرم في دين المسلمين لا شك في ذلك عندهم جميعاً.

[حكم بيع المسجلات والتلفزيونات ونحوها]

  سؤال: هل يجوز البيع والشراء في الراديوهات والمسجلات والتلفزيونات مع أن كثيراً من الناس يستعملون ذلك في الحرام والحلال؟ أم أن ذلك لا يجوز؟

  الجواب والله الموفق: أنه لا مانع من البيع والشراء في ذلك، وكذلك في كل ما يكون للحلال والحرام.

  والذي لا يجوز بيعه هو ما صنع خصيصاً للحرام كالمزمار والعود وسائر آلات اللهو المحرم وما شاكل ذلك، ولا يجوز أيضاً بيع آلات الحرب من المحاربين، سواءً كانوا كفاراً أم بغاة.

  الدليل على ما لا يجوز بيعه: ما قلنا من أنه لا يجوز بيع ما صنع خصيصاً للحرام، وبيع آلات الحرب من المحاربين هو الذي دلت عليه ظواهر الكتاب الكريم، فمن ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}⁣[المائدة ٢]، وما أشبه ذلك من القرآن.

  ولا شك أن توفير آلات اللهو وبيعها سبب كبير في نشر الفساد واستشراء المنكر، وبيع السلاح من المحارب مما يقوي جانبه، ويشد عضده، مما يؤدي إلى شدة العدوان على المسلمين والنكاية فيهم، وكفى بهذا عوناً على العدوان.