باب الوضوء
  وخروجُ القيء، والنوم، وزوال العقل.
  الدرجة الثالثة: فعل معصية كبيرة غير الإصرار.
  وإنما رتبّناها على هذا الترتيب تبعاً لمراتب صحة الأدلة، ومراتب وضوحها، فأدلة الدرجة الأولى أوضح وأصح وأقوى، ويليها الدرجة الثانية، ثم الثالثة.
[حكم الكذب اليسير الذي لا تبنى عليه مضرة]
  سؤال: ما رأيكم في الكذب اليسير الذي لا تبنى عليه مضرة كالمزاح، وفي الكذب لمصلحة، وهل ينقض الوضوء؟ وما معنى: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}[الأنبياء: ٦٣]، {إِنِّي سَقِيمٌ ٨٩}[الصافات]، {إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ٧٠}[يوسف]؟
  الجواب: حقيقة الكذب: هي أن تروج كلامك للسامع بحيث يعتقد سامعه صدقه وصحته، وبناءً على هذا فلا يوصف الكلام في المزاح بالكذب، وذلك لأن السامع لا يروج عنده الخبر، ولا يعتقد صدقه؛ إذ أن المزاح قرينة صارفة للسامع عن ذلك.
  هذا، وأما معنى قوله تعالى حاكياً عن إبراهيم #: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا}[الأنبياء ٦٣]، فهو كلام يراد به التجهيل لعُبَّاد الأصنام والنداء عليهم بسخافة العقول، ثم الاحتجاج عليهم والإلزام لهم بأن من لا يقدر على كسر الأصنام كيف يقدر على ما هو أكبر من ذلك، وليس في كلام إبراهيم هذا ما يوهم الكذب فضلاً عن أن يكون كذباً، بل هو كناية عما ذكرنا، وفيه بلاغة عالية لا تخفى، وذلك من حيث أن الكناية أبلغ من الحقيقة بالإضافة إلى ما تضمنت هذه الكناية من المعاني الكثيرة مع قلة اللفظ، إذاً فليست هذه الجملة من الكذب كما في بعض الروايات: إن إبراهيم # كذب ثلاث كذبات آخرها هذه والثانية إني سقيم ... إلخ.
  أما قوله تعالى: {إِنِّي سَقِيمٌ ٨٩}[الصافات]، فليست من الكذب كما روي عن إبراهيم #، بل المعنى: إني مريض القلب من عبادتكم للأصنام غير راض عن