[الجنون الذي يرفع حكم الطلاق]
  وذلك أنهم إنما حكموا بوقوع طلاق الذي تغير عقله من الخمر دون الحشيشة والبنج ونحوهما.
  والدليل على صحة قول أهل المذهب هو: أن الأصل عدم صحة تصرفات فاقد العقل، ومن تغير عقله من أكل الحشيشة أو الحبوب المخدرة أو نحوهما فلا يصح طلاقه ولا عقوده ونحوها ما دام متغير العقل.
  وهذا هو الذي تؤيده فطرة العقل؛ فإن العقلاء لا يرفعون رؤوسهم إلى تصرفات المجانين والصبيان، ولا يلتفتون إليها، وقد جاء الشرع بدعم هذه الفطرة ففي الأثر: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق و ...» إلخ.
[الجنون الذي يرفع حكم الطلاق]
  سؤال: كيف أقل الجنون الذي إذا حصل في المرء ارتفع عنه حكم الطلاق ونحوه؟
  الجواب والله الموفق: الجنون فنون، فبعضهم يكون جنونه فيما يتعلق بزوجته دون غيرها، وبعضهم يتعلق جنونه بأخيه أو أي قرابته أو أصدقائه دون غيرهم، فإذا كان الجنون متعلقاً بالزوجة، ووقع منه طلاق - نُظِر في أمره: فإن كان يخبر عنها بما لا يعقل، ويتهمها بما لا يقبل العقل - فمثل هذا مجنون لا يحكم بطلاقه ولو كانت معاملاته مع الناس جارية على قوانين العقل، وهذا النوع من المرض كثير في هذا الزمان، ويسميه الأطباء مرضاً نفسياً.
  فإن قيل: فهل تسقط عنه جميع الأحكام؟
  قلنا: تسقط عنه فيما تعلق به جنونه دون ما سواه إلى أن يستولي عليه الجنون، فإذا استولى عليه سقطت عنه جميع الأحكام، وذلك أن المرض يتدرج في المرء قليلاً قليلاً، فيبدأ فيما يتعلق بالزوجة ثم إذا طال تعدى إلى غيرها، ثم ... ثم ... إلخ.