من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب المنزلة بين المنزلتين

صفحة 121 - الجزء 3

  ويدل على هذا التفسير ما روي في الحديث المشهور: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له».

  وروي أن أحد الصحابة سأل رسول الله ÷ عن أعمال بِرٍّ كان يتحنث بها في الجاهلية، فقال رسول الله ÷: «أسلمت على ما أسلفت»، هذا معنى الرواية، ومعناها: أنه بإسلامه يكتب له ثواب ما أسلف من أعمال البر في الجاهلية.

  وقال سبحانه: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال: ٣٨]، وفي الحديث: «التوبة تجب ما قبلها»، فإذا كانت التوبة تمحو المعصية وتذهب بها حتى يصير المذنب بالتوبة كمن لم يذنب فإنه لم يبق حينئذ ما يوجب إبطال الحسنات المتقدمة على المعصية.

  وأنا أستقوي هذا القول وأميل إليه لما سبق، ولما علم من عظيم رحمة الله وكبير فضله على عباده، وأن عادته الرحمة والإحسان وأن غضبه وعقابه لم يكن إلا لعارض اقتضته الحكمة، {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا ١٤٧}⁣[النساء].

  ويدل على ذلك أن الله تعالى دعا عباده جميعاً إلى سلوك طريق الجنة، ورغبهم فيها وحثهم عليها، وأرسل رسله وأنزل كتبه ليدعوا إلى دار رحمته، ثم حذرهم من السلوك لطريق غضبه وعذابه وحذرهم منها ونهاهم عنها و ... إلخ.

[صغائر المعاصي]

  سؤال: المطلوب بيان وتوضيح صغائر المعاصي؟

  الجواب والله الموفق والمعين: أن العلماء قد اختلفوا في الصغائر ما هي، بعد الاتفاق على أن في المعاصي صغائر وكبائر.

  فالمشهور من مذهب أئمتنا $ أن كل عمد كبيرة، وعليه فالصغائر هي: ما جاء من المعاصي عن طريق الخطأ والنسيان. ومن الخطأ: الخطأ في الاجتهاد والتأويل كما في معصية آدم ويونس @.