[استثقال المؤمن والتضايق منه، والحسد وغيره]
  ولأمرٍ مّا ميز الله الإنسان بالعقل وفضله على سائر الحيوانات، وقد قال الله تعالى لنبيه ÷: {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ ١٠ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ ١١ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ١٢ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ ١٣}[القلم]، فذم الله تعالى في هذه الآية الوليد بن المغيرة المخزومي غاية الذم - إن صح أن نسمي ذلك سباً وشتماً - فإنه نهاية ما ينال وغاية ما يقال.
  وقال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا ...}[المائدة: ٧٨] إلى آخر الآيات، وقال: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ١٨}[هود].
  وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ ١٥٩}[البقرة].
  وقال تعالى وهو يذكر قوماً خالفوا أمره وعصوه: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ١٦١}[البقرة].
  وكم في القرآن من اللعن للذين عصوا رب العالمين وخالفوا أمره.
[استثقال المؤمن والتضايق منه، والحسد وغيره]
  سؤال: هل يأثم الإنسان باستثقاله لبعض المؤمنين، وتضايقه من الجلوس معه، أو نحو ذلك؟ وهل يأثم الإنسان بما يجده في صدره من الحسد لأخيه، أو ما يجده من حب الدنيا؟
  الجواب والله الموفق: أن الإنسان لا يأثم بما ذكر في السؤالين، وذلك أنه ليس بمقدوره أن يتخلص من ذلك، وإنما يأثم بما يصدر عنه من أقوال أو أفعال تضر بالآخر أو يستاء منها.
  وحب الدنيا فطرة فطر الله الناس عليه، لا يمكن المكلف أن يتخلص منه بحيلة من الحيل، ومن هنا قال تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ٨}[العاديات]، {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا ٢٠}[الفجر].