كتاب العدل
  فيقال: لا تنفك العلل الموجبة عن معلولاتها ما دامت العلة علة، فأما إذا انفكت العلة عن معلولها فليست بعلة، ألا ترى أن الجسم لما كان علة في التحيُّز امتنع أن يوجد الجسم ولا يوجد التحيز.
  إذا عرفت ذلك فلا ينفع الرازي استدلاله بأن الله تعالى هو الذي خلق الدواعي.
  قول الرازي: «وإلا لزم التسلسل» معناه: أنه لو كان حصول الداعي إنما حصل بفعل العبد واختياره لتوقف ذلك على داعٍ يدعو إلى اختيار ذلك الداعي ... ، وهكذا.
  قلنا: قبل الجواب على ما ذكره الرازي من لزوم التسلسل ينبغي أن نذكر مقدمة في الداعي فنقول: تنقسم الدواعي إلى قسمين:
  ١ - فقسم منها ناتج عن طبيعة الجسم وفطرته التي فطره الله تعالى عليها ويعبر عن ذلك بشهوة النفس وهواها.
  ٢ - والقسم الثاني ناتج عن نداء فطرة العقل، وفطرة العقل تدعو إلى فعل ما فيه مصلحة، وترك ما فيه مفسدة.
  إذا عرفت ذلك عرفت أن دواعي الشهوة والهوى متوقف على وجود طبيعة الإنسان، وأن حصول دواعي فعل ما فيه مصلحة وحكمة متوقف على وجود الإنسان العاقل، ولولا ما جعل الله تعالى عليه الإنسان من طبيعة الشهوة، وفطرة العقل - لما حصلت فيه دواعي الشهوة، ولا دواعي الحكمة.
[الفرق بين مريد بذاته ولذاته]
  سؤال: قال في شرح الأساس: (الذي في شرح عقائد النسفي أن النجارية يقولون: إن الله سبحانه مريد بذاته لا بصفته «بالباء»، والأشعرية يقولون: إنه مريد لذاته «باللام»)؛ فما معنى القولين؟ وما الفرق بينهما؟
  الجواب والله الموفق: أن مذهب الأشعرية كما في كتاب القلائد أن الله تعالى مريد بإرادة قديمة اهـ.