فائدة (هل يجزئ طواف القدوم عن الزيارة؟)
  فإن قيل: في الحديث: «إنما الأعمال بالنيات» «لا عمل إلا بنية».
  قلنا: يكفي نية الطواف بالبيت، وطائف الوداع أو القدوم قد نوى طواف البيت.
فائدة (هل يجزئ طواف القدوم عن الزيارة؟)
  وقعت مذاكرة حول قول أهل المذهب: إنه إذا أخر طواف القدوم فإنه يجزئ عن طواف الزيارة.
  فقلت: لأهل المذهب وجهٌ في ذلك، وهو القياس على الصلاة، فإن النية في أول الصلاة تجزئ فلا تحتاج أجزاء الصلاة إلى نية، ولو نوى المصلي في أثناء صلاته أنها نافلة لم تصح تلك النية بعد أن نواها فرضاً، فقاسوا الحج على الصلاة في أنها تكفي نية الإحرام.
  وقد مشى أهل المذهب على هذا؛ فقالوا فيمن زال عقله من المرض: إن رفيقه يقف به في المواقف ويطوف به ويجزيه ذلك.
  ويمكن أن يستدل لهم بأن الواجب هو الطواف بالبيت في أيام التشريق، وهذا الرجل قد طاف كذلك، فقد حج البيت، وفعل ما دل عليه قول الله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ٢٩}[الحج]، فإذا خرج الوقت ورجع الرجل إلى أهله أو كان في أثناء الطريق وبَعُدَ عليه السفر؛ فإن كان فعل ذلك عمداً عالماً فإنه يأثم لتقصيره عما وجب، ولكنه يجزيه ما فعل؛ لخروج الوقت وكونها اجتهادية، وإن فعل لا عن علم فلا إثم، وحجه صحيح، وعليهما(١) دم لترك نسك.
  فإن قيل: إنه قد روي عن النبي ÷ قوله: «لا عمل إلا بنية»، ونحوه كثير.
  قلنا: نية الحج عند بداية الإحرام كافية، فلا يضر الجاهل والناسي تركها عند فعل الأجزاء كالصلاة، وإن كان لا ينبغي ترك النية واستحضارها عند فعل كل نسك، وكل قيام وقعود، فيكون القياس على الصلاة مخصصاً لعموم الحديث المذكور وما أشبهه، ولكن الإنسان محل النسيان ومحل الجهل، وأكثر الحجاج من
(١) أي على العالم وغيره.