من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[رجل اشترى من المفلس سيارة بدل ما نقص من سلعته]

صفحة 405 - الجزء 2

فائدة: [فيما يؤخذ من المفلس]

  في الاعتصام: وأخرج الجماعة إلا الموطأ والبخاري عن أبي سعيد الخدري قال: أُصيب رجل في عهد رسول الله ÷ في ثمار ابتاعها فكثر دينه فأفلس، فقال رسول الله ÷: تصدقوا عليه، فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال رسول الله ÷ لغرمائه: «خذوا ما وجدتم ليس لكم إلا ذلك». انتهى.

  قلت: يؤخذ من الحديث براءة ذمة المفلس بعد أن يعطي غرماءه كل ما يجد غير ما استثني له، وأنه لا يلزمه بعد ذلك إذا فتح الله عليه أن يسدد بقية الديون التي كانت عليه، غير أن الأمر لا يكون كذلك إلا إذا كان إفلاسه بحكم الحاكم، وكان الحاكم قد وزَّع على الغرماء ما كان في يدي المفلس.

  فإن قيل: إن قوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}⁣[البقرة: ٢٨٠] يدل على أن المديون لا تبرأ ذمته بالإفلاس والإعسار.

  قلنا: الآية عامة في كل معسر، وهذا الحديث خاص بالمفلس، فيعمل بالخاص فيما تناوله، وبالعام فيما بقي، كما تقرر في علم الأصول.

  وبعد، فيشهد لما ذكرنا قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}⁣[الطلاق: ٧]، ونحوها.

  وقد جاء في روايات كثيرة: أنه يقسم مال المفلس بين غرمائه فيأخذ كل واحد منهم بقدر دينه، فإذا كان الغرماء ثلاثة مثلاً، لأحدهم خمسون، وللثاني ثلاثون، وللثالث عشرون، وفي يد المفلس ما يساوي عشرة فقط؛ فإنها توزع على حسب الدين فيكون للأول خمسة، وللثاني ثلاثة، وللثالث اثنان، وهكذا.

  ولم يأت في الروايات ذكر لما تبقى على المفلس من الديون، فلما أغفلت الروايات ذكرها عرفنا أنه لا حكم لها، وأن المفلس غير مسؤول عنها.