من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

في العدل والمساواة بين الزوجات

صفحة 420 - الجزء 1

في العدل والمساواة بين الزوجات

  قال أهل المذهب: إن الواجب من ذلك هو المساواة بين الزوجات في المبيت والقيلولة، وفي النفقة الواجبة والكسوة، والمراد من المبيت أن يبيت مع الزوجة في مكان خال، ولا تشترط المضاجعة ولا الجماع، ولا يلزم المساواة في الحب والجماع، وله أن يسافر بمن شاء من زوجاته.

  وفي أصول الأحكام: لا خلاف في أن للرجل أن يسافر بمن شاء منهن وأن يخص بالوطء من شاء منهن، أما الزائد على النفقة الواجبة والكسوة الواجبة فلا يلزم المساواة فيه، هكذا قال أهل المذهب، فله أن يفضل من شاء بما شاء سراً؛ لئلا يوغر صدر الأخرى.

  والوجه فيما قاله أهل المذهب: أن الواجب على الزوج لزوجته نفقتها وكسوتها بالمعروف كما جاء في الحديث، والأصل براءة الذمة فيما زاد على ذلك.

  في المجموع: عن علي # في قول الله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}⁣[النساء: ١٢٩]، قال: هذا في الحب والجماع، وأما في النفقة والكسوة والبيتوتة فلا بد من العدل في ذلك.

  يمكن الاستدلال على أنه لا يلزم العدل في الحب والجماع بما يلي:

  - أما الحب فإن الزوج لا يملكه، وليس داخلاً تحت قدرته واستطاعته، وقد قال تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة: ٢٨٦] وحينئذ فلا يتوجه إلى الزوج فيه تكليف.

  - وأما الجماع فإنه حق للزوج، وحينئذ فله أن يستوفي حقه وأن لا يستوفيه.

  والدليل على أنه حق للزوج: أن الزوج يدفع لزوجته المهر، وقد سماه الله في القرآن أجراً: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ}⁣[النساء: ٢٥]، وأيضاً فليس للزوجة أن تمتنع من الوطء، وإذا نشزت عنه سقط حقها من النفقة.