من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب الوعد والوعيد

صفحة 151 - الجزء 3

  إعمال الفكر وإجهاده، بل يدركها العقل بفطرته وببادئ فكرته.

  - وأما دلالة ذلك على اليوم الآخر والحساب والجزاء فمن طريقين:

  ١ - الطريق الأولى: دلالتها على إمكان البعث للأموات، وهذه الدلالة واضحة للعقول أيضاً، وقد قال الله تعالى في الرد على من استبعد بعث الأموات في آخر سورة «يس»: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ٧٨ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ٧٩} ... إلى آخر سورة يس.

  ٢ - الطريق الثانية: دلالتها على حتمية البعث والحساب والجزاء، وأنه حق لا بد من وقوعه؛ فإن دلالتها على ذلك تحتاج إلى إعمال الفكر ومزيد من التأمل، وقد نبه الله تعالى ذوي العقول، ولفت عيون بصائرهم إلى الطريق التي إن مدوا إليها بصائرهم وسرحوا فيها أبصارهم وصلوا إلى الإيمان بحتمية البعث والجزاء، فقال جل شأنه: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ١١٥}⁣[المؤمنون]، وقال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ ٣٨ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ ...}⁣[الدخان]، ونحو هاتين الآيتين في القرآن كثير.

  فإن العاقل إذا سرح فكره في الحياة الدنيا، وتأمل في حوادثها حق التأمل - يجزم بعقله أنه لا بد من حياة أخرى تكون امتداداً لهذه الحياة الدنيا، ومترتبة عليها.

كيفية النظر وترتيبه

  يتدرج الفكر في التأمل على هذا النحو:

  ١ - تدل الآيات المبثوثة في الكون بما فيها الإنسان والحيوان على خالق قدير عليم حكيم غني حميد، ليس كمثله شيء سميع بصير، وأنه المالك للسماوات والأرض وما بينهما، القابض الباسط الرازق المحيي المميت، الحي القيوم العلي العظيم، وأنه قد أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً،