من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[باب الربويات]

صفحة 82 - الجزء 2

  هذا، والتحويل - كما يظهر - حكمه الجواز؛ وذلك أنه وإن احتمل وجوهاً باطلة فهو محتمل لوجه صحيح، وذلك بأن نجعل النقص من باب الإجارة، فكأنه قيل: احمل لي هذه الفلوس إلى محل كذا وكذا ولك منها كذا وكذا.

  فإن قيل: لا يتحمل المحيل أي عناء في حملها؛ لأن له أموالاً مودعة في تلك البلدان التي يحيل إليها، فكأنه يأخذ ما يأخذ إلى غير مقابل.

  قلنا: المحيل وإن لم يسافر بها فإنه تلحقه كلفة في القيد والتسجيل والحسابات، فهو حينئذ يأخذ ما يأخذ في مقابلة ذلك، وصاحب الفلوس يعطي ما يعطي في مقابل سلامة ماله من مخاوف الطرق، وما قد يحصل فيها لفلوسه من قطاع الطرق واللصوص، ثم القلق عليها؛ فهاهنا أخذ وعطاء من كلا الجانبين.

[بيع السلعة نقداً بثمن وديناً بثمن أكثر]

  سؤال: هل يجوز للمسلم أن يبيع السلعة نقداً بثمن وديناً بثمن أكثر من ثمن النقد؟ وهل يجوز للمشتري أن يشتري ديناً على حسب ذلك؟

  هذا، وقد رأينا كثيراً من الناس يتعاملون بذلك، ويقولون: إنه قد أفتاهم بعض العلماء بجواز ذلك؛ فما هو رأيكم في ذلك؟

  الجواب والله الموفق: أن هذه المسألة مسألة خلاف بين العلماء، فأجازها بعض، ومنع منها بعض، فأجازها المؤيد بالله كما في الشرح، وأبو حنيفة، والشافعي، وظاهر الأدلة مع الذين منعوا، فقد صح عن النبي ÷ كما في مجموع الإمام زيد بن علي @ أنه نهى عن شرطين في بيع، وفسر ذلك الإمام زيد أن يقول: بعتك هذه السلعة على أنها بالنقد بكذا وبالنسيئة بكذا، أو على أنها إلى أجل كذا بكذا أو إلى أجل كذا بكذا.

  هذا، مع أن القائلين بالجواز إنما استندوا على القياس، والقياس وإن كان قوياً فالنص أولى منه، وقياسهم هو أنه قد صح جواز تعجيل الدين المؤجل في مقابلة وضع بعضه عن النبي ÷، فقد قوبل الزمان في هذه الصورة بثمن؛ فألحقوا