[في الصيام والسفر]
  وفي المثال الثاني: مسألتان؛ إحداهما اتفاقية، وهي: منع الكلام في الصلاة، والأخرى خلافية وهي: هل يجب القضاء بعد الوقت على الجاهل أم لا؟
  ومن قواعدهم: (أن المسألة الخلافية إذا خرج وقتها فلا يجب قضاؤها، وأن مذهب الجاهل فيها مذهب من وافق) فعلى ما تقتضيه هذه القواعد يكون القضاء فيما ذكرنا من المثالين غير واجب.
  وكأن علماء المذاهب متفقون على أنه لا يلزم الجاهل القضاء لما فَرَّطَ فيه سهواً أو جهلاً من الواجبات الظنية، ويمكن الاستدلال على ذلك بقوله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}[الأحزاب ٥]، {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة ٢٨٦]، {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة ٢٨٦].
  وما روي عن النبي ÷ من نحو قوله: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان»، فإنه يؤخذ من ذلك أنه لا حرج على الإنسان فيما فرط فيه من الواجبات عن طريق الخطأ والنسيان ونحوهما، وظاهر ذلك شامل للقطعي والظني، وما خرج وقته، وما لم يخرج وقته.
  إلا أن ما كان وقته باقياً فإنه خارج من ذلك الشمول؛ لبقاء الخطاب بفعل الواجب صحيحاً وكاملاً، وخرج أيضاً الواجبات القطعية من ذلك الشمول بما روي عن النبي ÷: «من نام عن صلاته أو نسيها فوقتها إذا ذكرها»، وفي رواية: «فليصلها إذا ذكرها».
  فيقاس على ذلك الواجب القطعي فيقضى خارج الوقت، وتبقى الواجبات الظنية التي خرج وقتها تحت ذلك الشمول.
[في الصيام والسفر]
  في أمالي أحمد بن عيسى بسنده عن الحسن بن سعيد عن أبيه قال: خرجت مع علي # في شهر رمضان من ضيعة له فركب حماراً ومشيت خلفه فصام وأمرني أن أفطر فأفطرت، فدخل المدينة ليلاً فمررنا بدار عثمان وهو يقرأ فقام يستمع قراءته ثم قال: (إنه يقرأ من سورة النملة). اهـ