كتاب الوعد والوعيد
  - بيان ذلك: أن الله تعالى توعد المجرمين والفاسقين والكافرين والمنافقين بالوعيد الشديد، والعذاب الدائم في جهنم وعيداً مؤكداً، وكرر ذلك في كتابه تكريراً كثيراً.
  - وأصحب ذلك الوعيد الشديد بأن وصف نفسه تعالى بأنه لا يخلف الميعاد، وبأنه لا يبدل القول لديه، وبأن قيله أصدق الأقاويل، وحديثه أصدق الحديث، وأقسم تعالى لعباده أيماناً كثيرة في كتابه الحكيم أنه سيعذب المنافقين والكافرين والفجار والظالمين، والمتكبرين في العذاب الخالد الأبدي.
  - فإذا فرضنا وجوزنا أن الله تعالى سيعفو عن أولئك أو عن بعضهم؛ فإنه سينضم إلى فرضنا وتجويزنا ذلك - اتهام الله تعالى بالكذب، وخلف الوعد، وعدم مصداقية أيمانه وحلفه في كتابه.
  - ولزم في تجويز العفو من الله يوم القيامة تجويز الكذب في القرآن، ولا شك أن تجويز الكذب في القرآن كفر ونفاق.
  - وبعد، فكل ما في القرآن حق لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وذلك إجماع بين المسلمين، والحق ضد الباطل، وتجويز العفو يعتبر تجويزاً لعدم مصداقية هذه الآية.
[تفسير قوله تعالى: وإن منكم إلا واردها]
  سؤال: ما هو التفسير المناسب لقوله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ٧١ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا ٧٢}[مريم]؟
  الجواب: الخطاب في قوله: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} هو للمنكرين للبعث والجزاء بدليل أول الكلام وهو قوله تعالى: {وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا ٦٦}[مريم]، وقوله تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا ...}[مريم: ١٩]، إخبار من الله تعالى عن حال المتقين بعد أن ذكر أخبار المكذبين، و (ثم) جاءت في هذا الموضع لتدل على بُعْد حال المتقين عن حال المكذبين؛ فكأنه قال: لا تخافوا أيها