من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[من صلح الحديبية]

صفحة 396 - الجزء 3

[من صلح الحديبية]

  في البخاري وغيره في كتابة صلح الحديبية: ثم قال ÷ لعلي: «امح: رسول الله» قال علي: لا والله لا أمحوك أبداً؛ فمحاه رسول الله ÷ بيده ... إلخ.

  قلت: يؤخذ من ذلك أن صيغة الأمر قد ترد على لسان الشارع لغير الوجوب كما في هذا الحديث المشهور، وفي ذلك رد على الظاهرية ومن حذا حذوهم؛ فإنهم يحملون ما ورد على لسان الشارع من صيغ الأوامر على الوجوب على الإطلاق ولا يلتفتون إلى القرائن الصارفة عن الوجوب.

  فإن قالوا: الصيغة الواردة في هذا الحديث للوجوب، وليس في ذلك دليل على ما ذكرتم.

  قلنا: لم يدع أحد من الأمة أن علياً عصى رسول الله ÷ في هذا المقام مع شدة الحرص على ذكر مساوئه، ولو كان ذلك معصية لشهروه بها، ولملأوا بها مسامع الدنيا.

[إنكار عائشة للوصية من النبي ÷]

  في البخاري: ذكروا عند عائشة أن علياً كان وصياً فقالت: متى أوصى إليه؟ وقد كنت مسندته إلى صدري - أو قالت: حجري - فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري فما شعرت أنه قد مات؛ فمتى أوصى إليه؟

  قلت: هذه الرواية عن عائشة مردودة لأمور:

  ١ - أن العادة ولا سيما في عظماء الرجال أن القرابة من الرجال هم الذين يحضرون موتهم ويمرضونهم، ويباشرونهم حال الاحتضار، ولا يسمح للنساء بذلك؛ لما جبلن عليه من رقة القلوب والعي والضعف.

  ٢ - أن عائشة كانت تعادي علياً فلا يقبل قولها فيه.

  ٣ - أنه قد تواتر واشتهر حديث الثقلين، وقد أوصى فيه النبي ÷ بكتاب الله وبعترته أهل بيته، وحث على التمسك بهما، وحديث الثقلين صحيح بإجماع