من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم إسقاط مقتول مقابل مقتول آخر غير القاتل]

صفحة 447 - الجزء 2

حكم إثارة المؤمن لأسباب العداوة بين المفسدين

  سؤال: هل يجوز للمؤمن أن يثير أسباب العداوة والقتال بين المفسدين في الأرض؟

  الجواب والله الموفق: إذا كان فسادهم مما يستحقون به القتل فلا حرج في إثارة العداوة وأسباب القتل بينهم، ولكن الواجب أن يكون ذلك بعد الفتوى فيما يخص القضية المعينة، وأن يستشار في ذلك أهل الرأي والنظر، وذلك لعظم الدخول في مثل ذلك الأمر، فالفتوى حجّة له عند الله، والمشورة سلامة له من التورط في العواقب الوخيمة.

  فإذا أشار عليه أهل الرأي والنظر بالترك لما في الأمر من خشية وقوع مفاسد يتعدّى ضررها وفسادها إلى الكثير من الأبرياء والضعفاء - وجب عليه أن يترك.

[حكم إسقاط مقتول مقابل مقتول آخر غير القاتل]

  سؤال: رجل قتل آخر، فثارت قبيلة المقتول فقتلت رجلاً من قبيلة القاتل، ثم جاء آخرون فصالحوا بين القبيلتين، وجعلوا المقتول مقابل المقتول، وتم الرضا بذلك، وانتهى الصلح على ذلك؛ فما هو رأي الشرع في هذا الصلح وما شابهه؟

  الجواب والله الموفق: أن مثل هذا الصلح كثير الوقوع بين قبائل اليمن وقد تعارفوا عليه، ولو أن القبيلة قتلت في ثأرها القاتل لكان الصلح شرعياً لا غبار عليه، وإذا أردنا أن يكون الصلح شرعياً فيما جاء في السؤال فلنلزم القاتل الأول بتسليم دية كاملة إلى أولياء المقتول، وكذلك نلزم القاتل الثاني بتسليم دية إلى أولياء المقتول الآخر، إلا أن يرضى أولياء كل من القبيلتين بإسقاط حقهم من الدية أو بإسقاط بعضه فحينئذ يكون الصلح شرعياً ولا غبار عليه.

  وبعد، فنقول: إن الصلح المذكور في السؤال حسن وجائز، بل إنه قد يكون واجباً من حيث إنه توقيف للفتنة، وقد فسر العلماء قوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ ..}.إلى قوله: {فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٩}⁣[الحجرات]،