من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب التوحيد

صفحة 67 - الجزء 3

  وإذا اختار المكلف دواعي الخير طرد دواعي الشر، وصاح في وجهها، وغطى عيون قلبه وآذانه عن رؤيتها أو سماعها، واستطاع بحسن اختياره أن يهزمها، ويكسر حدتها، ويضعف قوتها.

  وبما ذكرنا يتبين لك أن المكلف هو الذي يدنس نفسه أو يطهرها بمجرد اختياره، وليس هناك في حقيقة الأمر إنسان شرير، وإنسان خيِّر من أصل الخلقة والتركيب، أي: أن هناك مكلفاً لا يوجد فيه إلا طبيعة الشر ودواعي الشهوات والغرائز ولا توجد فيه طبيعة الخير ودواعيه، أو العكس.

  هذا، ولا ننكر تأثير المجتمعات والبيئات و ... إلخ؛ إلا أن ذلك لا يؤثر على دواعي الفطرة، ولا يغير من أحكامها اليقينية، وبذلك تكون حجة الله قائمة على جميع المكلفين، المشرقي منهم والمغربي، والقاصي والداني.

  ولعلنا بما كتبنا قد أوضحنا المطلوب، والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد وآله الطاهرين.

[السبب في إعراض الناس عن طاعة الله]

  سؤال: ما هو السبب في إعراض الناس عن طاعة الله تعالى، وإعراضهم عن دينه، فأكثر بني آدم كفرة مشركون، والأقل مسلمون، وأكثر المسلمين عصاة ومتمردون وفسقة، وأهل أهواء، وأهل الطاعة فيهم قليل؟

  الجواب: الذي يظهر لي في الجواب على ذلك: أن الله تعالى فطر البشر على حب الشهوات والأهواء، وطاعة الله تعالى مبنية على ترك الشهوات والأهواء.

  فحين بعث الله تعالى الرسل À كره الملوك والأغنياء والرؤساء والمتكبرون أن ينقادوا ويتواضعوا لمن هو فقير متواضع، وأكثر الناس تبع للملوك والرؤساء، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ ٣٤}⁣[سبأ].