من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم من نذر بصيام شهر غير معين]

صفحة 274 - الجزء 1

  وقد قال أهل المذهب: إن من أفطر في رمضان لغير عذر مستحلاً لذلك أو مستخفاً فإنه لا يلزمه القضاء. ذكر هذا في شرح الأزهار وحواشيه⁣(⁣١).

  قلت: المتعمد للإفطار من غير عذر يكون متهاوناً في الأغلب؛ لأن المفهوم من الاستخفاف هو التهاون بالصيام، وقلة المبالاة به.

[حكم من نذر بصيام شهر غير معين]

  سؤال: نذر رجل بصيام شهر غير معين لا في اللفظ ولا في النية، ولم يذكر بقلبه حال النذر لا التتابع ولا عدم التتابع؛ فهل يجب عليه التتابع أم لا؟

  الجواب والله الموفق: أنه لا يلزمه المتابعة؛ إذ الأصل براءة الذمة من المتابعة بين الصيام.

  فإن قيل: لفظ الشهر إذا أطلق يراد به أيام متتابعة.

  قلنا: الناذر هنا قد قصد بنذره صيام ثلاثين يوماً، ولم يلتفت إلى كونها متتابعة أو لا، وإنما عقد النية على صيام هذا العدد من الأيام ولم ينو في نذره التتابع.

  هذا، وإن كان لفظ الشهر في اللغة يراد به الأيام المتتابعة فإن النذر يتبع فيه الناذر لا اللغة.

  نعم، قد يُؤَيَّدُ ما ذكرنا نوعَ تأييد ما ذكر الله تعالى في قوله: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}⁣[النساء ٧٢]، فظاهر التقييد هنا بالتتابع يفيد أن الإطلاق محتمل للأمرين: التتابعِ وعدمِه، وإذا كان كذلك فالأصل براءة الذمة من التتابع.

  هذا، وفي رواية تذكر في كتب الأصول: أن امرأة نذرت بصيام شهر أو شهرين، وأنها ماتت قبل أن تؤدي ذلك، فاستفتت بنتها رسول الله ÷: هل يصح أن تصوم عن أمها اليوم واليومين؟ فقال رسول الله ÷: «أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه الدرهم والدرهمين أكان ينفعها ذلك ...» إلخ، أو كما روي.


(١) شرح الأزهار ٢/ ٦٢.