من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حقيقة البيع

صفحة 17 - الجزء 2

  فإن قيل: قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}⁣[البقرة ١٨٨]، وبيع الحقوق من ذلك.

  قلنا: بيع الحقوق ليس من ذلك؛ بدليل: أن البائع هو الأولى بها، فمنافعها له خاصة، ويكون بيعها كالتأجير؛ إذ هو بيع منافع، فلم يكن ذلك من أكل أموال الناس بالباطل.

  أما الشفعة فإنها وإن كانت حقاً خاصاً فلا يجوز بيعها؛ لأنها شرعت للشريك والجار دفعاً للضرر، وهو شيء يخص الشريك والجار.

  وقد يستدلون على منع بيع الحقوق بما روي عن النبي ÷ أنه نهى عن بيع الولاء، فقاسوا سائر الحقوق عليه.

  قلنا: العلّة في النهي عن بيع الولاء هو أنه لُحْمة كلُحْمة النسب كما في بعض الآثار، لا ما يقال: إن العلة هو كونه بيع منافع معدومة.

[حول بيع الشائع غير مقسوم]

  سؤال: حول ما يقع من النزاع اليوم فيما بيع من الأراضي التي لم تقسم بين أهل الحقوق، وهو ما يسمى: (بيع شائع غير مقسوم)، وذلك أن البائع باع كذلك لحاجته إلى الفلوس، فيبيع مائة حبلة مثلاً سعر الحبلة ألف ريال؛ لأن البائع كان محتاجاً لمائة ألف ريال، فسلم المشتري للبائع أربعين ألفاً، ومطله في الباقي إلى أن قسم أهل الحقوق محجرهم بعد مرور خمس عشرة سنة من وقت البيع، فتشاجر البائع والمشتري، فالمشتري يريد أن يستوفي بالمائة الحبلة ويدفع ما بقي عليه من الثمن وهو ستون ألفاً، والبائع يقول: لا أعطيك إلا بقدر ما أخذت من الثمن وهو أربعون حبلة؛ لذلك يقع التشاجر والخلاف والنزاع، فكيف يكون الحكم بينهما؟ فالنزاع في مثل هذا كثير.

  وقد يبيع البائع مائة حبلة شائع غير مقسوم، ويستوفي بالثمن إلا أن نصيبه وقت القسمة يكون أقل مما باع.