باب الوضوء
  والذي لا يجوز هو استعمال الماء في غير ما وضع له كنزفه للبيوت وسقي المزارع.
  هذا، وأما إذا كان الماء قليلاً بحيث لا يكفي إلا المصلين في ذلك المسجد في العادة فلا ينبغي لغيرهم أن يأتي للغسل أو الوضوء فقط، أما إذا أتى للوضوء والصلاة كان له حق في ذلك الماء، وذلك أن واضع الماء في ذلك المسجد يريد به إحياء ذلك المسجد.
فائدة في سقوط الوضوء والعدول إلى التيمم
  قال أهل المذهب: إنه يجب على المريض طلب من يوضيه بأجرة وبغير أجرة حيث لا منَّة، في الميل. (é). انتهى من حواشي الشرح.
  قلت: إذا بلغ المرض بالشخص إلى الحد الذي لا يقدر معه أن يتوضأ بنفسه فقد سقط عنه الوضوء إلى التيمم؛ بدليل قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى} ... إلى: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ...} الآية [النساء ٤٣]، وبدليل قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة ٢٨٦].
  فإن قيل: للمريض حالتان: حالة يضره استعمال الماء، وحالة لا يضره استعماله؛ ففي الحالة الأولى يجوز له العدول إلى التيمم، ولا يجب عليه استعمال الماء، وفي الحالة الثانية يجب عليه استعمال الماء؛ إذ لا مبرر حينئذ إلى العدول إلى التيمم.
  قلنا: قد علّق الله تعالى جواز التيمم على المرض، وجعله العلة في العدول إلى التيمم؛ فلا وجه لتخصيص بعض المرضى دون بعض مع اشتراكهم في حصول المشقة والحرج باستعمال الماء الذي نفاه الله سبحانه وتعالى عنهم في قوله: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ ...} الآية [المائدة ٦]، ولا شك أن تكليف المريض بالوضوء مع عجزه عن الوضوء لشدة المرض فيه حرج ومشقة عليه، وقد أخبر الله تعالى أنه لا يريد ذلك؛ فتأمل، والله أعلم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد وآله الطاهرين.