من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[من ضرب إنسانا ملفوفا في ثوب ضربة غير قاتلة]

صفحة 478 - الجزء 2

  والشرع معاً إنما يجب بشرط القدرة عليه؛ لقوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة ٢٨٦]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}⁣[التغابن ١٦].

  فالذي يظهر لي بناءً على هذا: أن الحاضر على الغريق إذا خشي على نفسه الغرق بسبب أنه لا يحسن السباحة أو أنه يحسن السباحة قليلاً فإنه لا يجب عليه إنقاذه، وذلك أن الذي لا يحسن السباحة أو يحسنها قليلاً يخشى عليهما الغرق قطعاً، ولا يستطيع إنقاذ الغريق إلا الماهر في السباحة مهارة عالية؛ ففي مثل من ذكرنا لا يجب عليه إنقاذ الغريق، وإذا لم يجب عليه فلا تجب عليهما دية.

  هذا، ولعل القائلين بوجوب الدية على مثل من ذكرنا نظروا إلى الظاهر؛ إذ أن الحاضر للغريق مفرط إذا لم يحاول إنقاذه، وهذا الحكم عليه بالتفريط إنما هو بحسب الظاهر، فإذا اعتذر بخشية التلف وعدم القدرة قلنا: ذلك دعوى غير مقبولة، وحجة مرفوضة؛ إذ أن شهادة المرء لنفسه لا تقبل، فدعوى الخشية من الغرق لا تبرر التفريط الظاهر.

  هذا ما يمكن أن يوجه به قول القائلين بوجوب الدية على حاضر الغريق. غير أنه كان ينبغي أن الحاضر إذا أقام البينة العادلة على أنه لا يحسن السباحة ألّا يحكم عليه بالدية.

  فإن قيل: كيف تجب الدية في هذا على من لم يقتل لا بالمباشرة ولا بالتسبيب.

  قلنا: قد نزلوا هنا التفريط في إنقاذ الغريق منزلة السبب فأعطوه حكمه، ولعل ذلك كان من أجل المحافظة على ألَّا تذهب النفوس هدراً.

[من ضرب إنساناً ملفوفاً في ثوب ضربة غير قاتلة]

  في حواشي شرح الأزهار: كمن ضرب إنساناً ملفوفاً في ثوب ضربة غير قاتلة، ثم وجد ميتاً فلا ضمان؛ لأن الأصل براءة الذمة. اهـ زهور وكواكب و (é)، وقيل: لا فرق بين أن تكون تقتل أم لا. (é).