من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم الانتقال من فتوى من يقول بوقوع الطلاق البدعي]

صفحة 460 - الجزء 1

  فإن قيل: فقد روي روايات كثيرة كما في أمالي أحمد بن عيسى وغيره تدل على وقوع الثلاث جميعاً.

  قلنا: وقد روي أيضاً روايات كثيرة تدل على أنه لم يقع بالثلاث إلا طلاق واحد، كما ذلك مذكور في كتاب الاعتصام وتتمته، مع تأييد القرآن الكريم لذلك كما قدمنا.

[حكم الانتقال من فتوى من يقول بوقوع الطلاق البدعي]

  سؤال: إذا طلق الرجل زوجته طلاقاً بدعياً وهو في تلك الحال يرى أنه يقع مع غفلته عن كونه بدعياً، وأنه منهي عنه، وهذا الرجل من المبتدئين بطلب العلم، وهو مقلد في الجملة للمذهب؛ فهل يجوز له أن يستفتي من يقول بعدم وقوع طلاق البدعة ويترك كلام أهل المذهب أم لا؟

  الجواب والله الموفق: أن الانتقال إذا كان إلى مذهب عالم محق جامع لشروط التقليد فلا مانع.

  والدليل على ذلك: قوله ÷: «أهل بيتي كالنجوم كلما أفل نجم طلع نجم» وقوله ÷: «أهل بيتي كسفينة نوح» ... الحديث، ونحو ذلك كثير.

  وما روي أن قوماً استفتوا علياً # في أمر - وأظنه كسر بيض النعام حال الإحرام - فأفتاهم أمير المؤمنين بفتوى ثقلت عليهم، فقال النبي ÷: «هلموا إلى الرخصة» فأفتاهم بغير فتوى علي #.

  وقد يستدل لذلك بما حكاه الله تعالى عن حكم داود وسليمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم.

  ومما يؤيد ما قلنا قول أهل المذهب: إن تقليد الحي أولى من تقليد الميت.

  ومما يؤيد ذلك على الجملة قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة ١٨٥]، و {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}⁣[الحج ٧٨].

  ومما قد يدل في الجملة أيضاً قوله تعالى لأيوب: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}⁣[ص ٤٤]، فيؤخذ منها: جواز الخروج من بعض مضايق التكليف،