من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[علم أصول الفقه من واجبات العلماء]

صفحة 243 - الجزء 3

[علم أصول الفقه من واجبات العلماء]

  علم أصول الفقه ليس من أركان الإيمان، ولا من الأصول الخمسة فلا يضر عوام المسلمين الجهل به؛ إلا أنه من الأركان المشروطة لمعرفة الأحكام القرآنية الخفية والدقيقة التي لا تتأتى معرفتها إلا للراسخين في العلم بالآليات الأصولية؛ لذلك قالوا: إنه من واجبات العلماء دون العوام، وإنما كان من واجباتهم دون واجبات العوام لأن العلماء ورثة الأنبياء يعلمون الناس شرائع دينهم، ويبينون لهم ما أنزل الله إليهم في القرآن وعلى لسان رسولهم ÷، ومن هنا قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٧}⁣[الأنبياء].

  فلو ترك الناس جميعاً علم أصول الفقه - لتغلقت عليهم المعرفة بأحكام دينهم، ولقال كل في القرآن برأيه، وتأوله على ما تشتهي نفسه، وهناك تعم الأمة الضلالات، وتستولي عليهم الجهالات.

  - ونحن لا ننكر أن التفكر في آيات القرآن والتدبر لمعانيها هي الطريق الهادية إلى اكتساب المعارف الإسلامية والأحكام التشريعية، إلا أنه لا يصل إلى معرفة ذلك، ولا يتمكن من الوصول إليه إلا من يمتلك الآلية المحكمة التي خضعت للتجارب من أئمة الزيدية وعلمائها ومن علماء المذاهب الإسلامية جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن، ومن أئمة بعد أئمة، وعلماء بعد علماء، عبر قرون متتابعة وإلى اليوم، ولم تسمع أذن الدنيا عبر تلك القرون أي نقد لعلم أصول الفقه من علماء أمة محمد ÷، وإن كان هناك شيء من النقد من بعض علماء الأمة لبعضهم الآخر فإنما هو في مسائل محدودة معينة، وكل ما هناك من هذا النقد فهو مدون في الكتب المبسوطة في هذا الفن.

  - وبعد، فإن كل قاعدة من قواعد أصول الفقه تنادي بصحتها، وتحمل حجتها على ظهرها.