من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم بيع السلعة المرهونة]

صفحة 213 - الجزء 2

[كتاب الرهن]

[حكم بيع السلعة المرهونة]

  سؤال: رهن رجل سلعة عند رجل في دين إلى أجل، ثم إن الأجل حلّ ولم يأت صاحب السلعة، فهل يجوز أن يبيع المرتهن تلك السلعة المرهونة ليستوفي بدينه أم لا؟

  الجواب والله الموفق: أن أهل المذهب لم يجيزوا للمرتهن بيع الرهن إلا إذا أذن الراهن في بيعه أو سلّطه على بيعه.

  والحلُّ أن يأتي المرتهن إلى الحاكم إذا لم يكن مأذوناً له في بيع الرهن فيطلب منه الحكم ببيع الرهن، ويبعث من قبله من يبيعه، فإذا باعه الحاكم أخذ المرتهن الثمن واستوفى بما له من الدين وحفظ الباقي لصاحبه.

  والحاصل أنه يجوز للمرتهن أن يبيع الرهن في حالتين:

  الأولى: أن يأذن له الراهن أو يسلّطه على بيعه.

  الثانية: أن يأمره الحاكم ببيعه.

  ولا يجوز له أن يبيعه في غير هاتين الحالتين. والدليل على ما ذكرنا: قوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}⁣[النساء ٢٩]، وقوله ÷: «لا يحلّ مال امرئٍ مسلم إلا بطيبة من نفسه».

  فإذا لم يكن هناك من الراهن رضا بالبيع ولا ما يدل على طيبة نفسه ببيعه فلا يجوز للمرتهن البيع.

  وإنما قلنا: إن للحاكم أن يبيع الرهن أو يوكّل من يبيعه ولو من غير إذن الراهن لقوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}⁣[النساء ٥٨]، {يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}⁣[ص ٢٦].

  ولا شكّ أنّ من العدل والحق أن ينصف لبعض الناس من البعض الآخر، ويؤدّي إلى كل ذي حقّ حقّه، رضوا أم كرهوا، وهذا هو فائدة نصب الحكام، والغاية المطلوبة من نصبهم.