من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب الخلع

صفحة 495 - الجزء 1

  {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ...} الآية [النساء ٢٠]، وقياسهم غير الزوج إذا دفع عوضاً مقابل الطلاق على الزوجة - قياسٌ ضعيف؛ لأن العلة في جواز خُلْع الزوجة هي الضرورة التي لم تستطع معها المرأة أن تقوم بحقوق زوجها، وسواء كان ذلك من كراهة المرأة لزوجها أو كان مما يلحقها من زوجها من سوء عشرته، ولا ضرورة فيمن سوى الزوجة إلى المخالعة.

  والخلاصة: أن مخالعة المرأة لزوجها رخصة جوزتها الضرورة.

فائدة (في الخلع)

  ذكر أهل المذهب أن الخلع لا يكون إلا بحصول أحد أمرين:

  الأول: أن يأتي في لفظه بعقد، وهو ما أتي فيه بالباء أو على أو اللام نحو: أنت طالق بألف، أو على ألف، أو لألف.

  الثاني: أن يأتي في لفظه بأحد أدوات الشرط نحو: إذا أبرأتني من المهر فأنت طالق، ومثل ذلك أن يقول الزوج: طلاقك براؤك، أو طلاقك أن تهبيني ألفاً أو عبداً أو نحو ذلك فإن هذا بمعنى الشرط؛ انتهى من الشرح ملخصاً⁣(⁣١).

  قلت: إذا رضيت الزوجة بالطلاق مقابل براءة الزوج من المهر، أو مقابل رد ما أخذت، وعرف رضا الزوجين بذلك، فطلق الزوج بناءً على ذلك - فإنه يقع الخلع، والدليل على ذلك:

  ١ - هو أن العوام لا يعرفون تلك الحروف الثلاثة مع كثرة الطلاق فيما بينهم بالعوض، وقد ثبت أنه يجب حمل معاملة المسلمين على الصحة.

  ٢ - حقيقة الخلع: هو طلاق الزوج لزوجته مقابل عوض ... إلخ، فإذا وقع التعبير عن ذلك بأي لفظ وقع الخلع؛ وذلك أن المقصود من الألفاظ هو المعاني، وقد قال تعالى: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}⁣[البقرة ٢٢٩]، فإذا افتدت


(١) شرح الأزهار ٢/ ٤٣٣، ٤٣٩.