من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

في الوصية للوارث

صفحة 502 - الجزء 2

في الوصية للوارث

  في الحديث المشهور: «لا وصية لوارث»: قال الهادي #: إن ذلك فيما زاد على الثلث، فأما الثلث فله أن يوصي به لمن شاء من قريب أو بعيد.

  وقال آخرون: لا تجوز الوصية لوارث لا بقليل ولا كثير إلا أن يجيز الورثة.

  قلت: الكل متفقون على صحة الحديث: «لا وصية لوارث»، وقد كانت الوصية في أول الإسلام واجبة للوالدين والأقربين، فلما نزلت آية المواريث التي في سورة النساء قال النبي ÷: «إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث»، أو كما قال.

  هذا، ومن المتسالم على صحته ما جاء في قصة نحلة النعمان بن بشير لأحد أولاده حين جاء يطلب من النبي ÷ أن يشهد عليها، فقال له النبي ÷: «هل أعطيت كل ولدك مثل هذا؟» فقال النعمان: لا، فقال ÷: «اطلب غيري؛ فإني لا أشهد على جور»، هذا معنى الرواية، وفيها: «هل تحب أن يكونوا لك في البر سواء؟»، وفي رواية: «اتقوا الله وساووا بين أولادكم»، مما يدل على أن الوصية لا تنبغي ولا تجوز لبعض الورثة دون بعض لا بقليل ولا بكثير.

  فإن قيل: إن الله تعالى قد جعل للمسلم في آخر عمره ثلث ماله يتصرف به كيف شاء، رضي الورثة أم أبوا، فله أن يضعه في القريب والبعيد.

  قلنا: نعم له ذلك بشرط أن يساوي بين أولاده إذا وضعه فيهم.

  نعم، يجوز أن يوصي لبعض الورثة بشيء من ماله دون سائرهم إذا كان من أجل مكافأته على إحسانه إليه وبره به أو نحو ذلك مما يحسن وينبغي فيه المكافأة والعطاء.

فائدة [في أن على الإمام أن يتحمل ما على موتى المسلمين من الحقوق]

  في هامش الشرح: وأما ذمته (أي: الميت) فقد برئت بإخراج الوارث أو الوصي أو بإبراء الإمام أو الحاكم في حقوق بني آدم وفي حقوق الله تعالى بعد