[فائدة تاريخية في ذكر أهواء المؤرخين]
[فائدة تاريخية في ذكر أهواء المؤرخين]
  ممن تولى في اليمن واستقامت له الأمور رجل يقال له: علي بن مهدي، حميري الأصل من قرية يقال لها: العنبرة غربي زبيد، كان يتنسك ويتعبد ويحج كل سنة، وكان حنفي المذهب، وقد أضاف في عقيدته الأصولية التكفير بالمعاصي والقتل عليها، وقتل من خالف عقيدته من أهل القبلة، ثم السبي لنساء أهل القبلة ووطئهم بالملك، واسترقاق ذراريهم، وجعل ديارهم ديار حرب يحكم فيها بما يحكم في أهل دار الحرب.
  ومن سيرته قتل المنهزم في الحرب ولا سبيل إلى حياته، وقتل شارب المسكر، ومن سمع الغناء، وقتل الزاني، وقتل من تأخر عن صلاة الجماعة، أو عن مجلس وعظه، أو من تأخر عن زيارة قبر أبيه في يوم الخميس والاثنين ... إلى أشياء عددها صاحب كتاب «بهجة الزمن في تاريخ اليمن». انتهى من التاريخ المذكور، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
  وهذا الوالي في عصر الإمام عبدالله بن حمزه #، وقد زال ملكه على يد طغتكين الأيوبي أخ صلاح الدين الأيوبي، وفي هذا العصر دعا الإمام عبدالله بن حمزه #، وكانت له وقعات وملاحم مع طغتكين.
  هذا، والمراد بذكر هذه الحكاية أن كثيراً من الكتاب المعاصرين يتكلفون المعائب للإمام المنصور بالله # بذكر شيء من سيرته مع المطرفية، ويتظلمون لهم، وكل هذا من أجل أنه حكم فيهم بحكم الله تعالى لم يتجاوزه، وهذا في حين أنهم لم يتعرضوا لسيرة علي بن مهدي الحميري، ولا لسيرة خلفه طغتكين التركماني، مع أن الجميع في عصر واحد، مع سوء سيرة هذين الأخيرين، وبعدها عن نواميس الإسلام، ولكن لله القائل:
  لهوى النفوس سريرةٌ لا تُعْلَمُ ... كم حار فيها عالمٌ متكلمُ