من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حول عذاب القبر]

صفحة 202 - الجزء 1

  نعم، ما ذكرنا يخصص العموم في قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩}⁣[النجم].

  فإن قيل: روي عن النبي ÷ أنه قال: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح ...» إلخ.

  قلنا: لا منافاة بين ما ذكرنا وبين هذا الحديث، فما ذكرنا ليس من عمل الميت، بل هو من عمل غيره، يصل إليه ثوابه ومنفعته عن طريق الصلة والصدقة، لا عن طريق عمله فإنه قد انقطع.

  وكذلك لا منافاة بين الآية وبين ما نحن فيه؛ لأن معنى ما نحن فيه: أنه يصل إلى الميت ذلك لا عن استحقاق، وإنما عن طريق الصلة والصدقة والتفضل لا بواسطة السعي فتأمل.

  وقد جاء في الحديث عن النبي ÷ كما رواه ابن عباس قال: أتى إلى رسول الله ÷ رجل فقال: يا رسول الله، إن أختي نذرت أن تحج وأنها ماتت، فقال ÷: «لو كان عليها دين أكنت قاضيه عنها؟» قال: نعم، قال ÷: «فاقض الله تعالى فهو أحق أن يقضى». وهذا يدل على ما ذكرنا، والله أعلم.

[حول عذاب القبر]

  سؤال: كيف يكون عذاب القبر والمعلوم أن جسد الميت يبلى ويتحلل حتى يصير تراباً؟ وكذلك كيف يكون نعيم المؤمن والحال كذلك؟

  الجواب والله الموفق: أن الجسد ظرف للروح فالروح هو الأصل، وأما الجسد بدون الروح فليس إلا جماداً لا يحس ولا يتألم، ولا يتنعم.

  وبناءً على هذا فالروح هي التي تتنعم أو تتألم.

  ومما قد يؤيد هذا: أن النائم يجد في نومه من الأهوال والمتاعب أشياء يراها ويسمعها ويتألم بها، وكل هذا في حال نومه وبمعزل عن جسده وحواسه، وكذلك يجد من النعيم ما يتمتع به في حال نومه، ففي هذا ما يدل على أن الروح