من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب العدل

صفحة 98 - الجزء 3

من كلام زيد بن علي # في الرسالة المزينة

  (ثم إني أرتضي لك ألا تخرج العاصين من قدرة الله تعالى، ولا تعذرهم في معصية الله، ومن قال إنه قد ملك أعماله مع الله تعالى فقد أشرك بالله، ومن قال إنه قد ملكها دون الله تعالى فقد كفر بالله، ولكن القول الذي أرضاه في هذا الباب اتباع ... إلخ).

  قلت: المعنى والله أعلم: أن العاصي هو الذي عمل المعصية بقدرته وباختياره، والله سبحانه وتعالى هو الذي أعطاه القوة والقدرة، وخلق فيه الشهوة، ولم يحل بينه وبين المعصية، ولو شاء أن يمنعه منها لمنعه؛ فمن قال: إنه هو الذي جعل لنفسه القوة والقدرة على فعل المعصية فقد كفر، أو قال: إنه جعل لها بالاشتراك مع الله ذلك فقد أشرك، وذلك أن خلق القُوى والقُدر مما لا يدخل تحت قدرة بشر، فمن ادعى ذلك لنفسه فقد ادعى صفة الإلهية، ومدعيها كافر أو مشرك، والله أعلم.

[عن الروح]

  سؤال: الروح أمر استأثر الله بعلمه كما قال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي}⁣[الإسراء: ٨٥]، وادعاء معرفة ماهيته قريب من دعوى علم الغيب؛ لعدم الدليل على معرفته، وقد روي عن القاسم والهادي والناصر والحسين بن القاسم العياني والمؤيد بالله وأحمد بن سليمان وغيرهم من أئمة العترة $: أنها جسم لا يعلم حقيقته إلا الله؛ فهل يكون إثباتهم لها جسماً خوضاً في ماهية الروح؟

  الجواب والله الموفق: أن هذا ليس خوضاً في ماهية الروح، وقولهم: جسم لا يعلم حقيقته إلا الله ليس تعريفاً، وإنما هو تفسير لقوله تعالى: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} وتسميتهم له جسماً أو عرضاً لا يعد رجماً بالغيب؛ إذ كل ما خلق الله في هذا الكون لا يعدوهما سواءً عرفنا ماهية المخلوق أم جهلناها.