من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم تخفيف الوزارة من غلات الوقف]

صفحة 231 - الجزء 2

  رسول الله ÷ المربد من أبي أيوب الأنصاري، وقد أخبره أبو أيوب أنه لأيتام وأنه سيرضيهم عنه، فقبل منه رسول الله ÷ المربد وأقره على تصرفه ذلك، وجعله ÷ مسجداً لله، وهذه القصة مشهورة في كتب السير والتواريخ عند الحديث عن هجرة الرسول ÷.

  وفي القرآن الكريم ما قد يؤيد ما دلت عليه هذه القصة، فقال تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ}⁣[البقرة ٢٢٠]، فدلت الآية أن لا حرج على الأولياء في التصرف في شيء من أموال اليتامى بالخلط ونحوه، وأن الإصلاح والإفساد هو مدار الثواب والعقاب، فإذا لم يكن في التصرف شيء من الفساد فلا حرج وإن لم يكن ثمة إصلاح.

  وفي البيان: ويكره له (أي: لولي الوقف) أن يستقرضها لنفسه لأجل التهمة؛ انتهى.

  وفي الحاشية: وهذه التهمة لا تقتضي التحريم. تمت (é) انتهى⁣(⁣١).

[حكم تخفيف الوزارة من غلات الوقف]

  سؤال: شكا المشتركون لأموال المساجد في بعض النواحي عند الوزارة كثرة التكاليف الزراعية، وطلبوا التخفيف عليهم فيما يفرض عليهم لتسليمه إلى المساجد، فقرّرت الوزارة أن على المزارعين أن يسلموا إلى المساجد الثُّمُن فقط من الغلاّت، وقد كان المفروضُ عليهم من قَبْلُ تسليمَ الخمس، ثم بعد حين تشكّك البعض من المشتركين وعزم على أن يسلم الخمس كما كان ذلك من قبل؛ فهل يلزم هذا الرجل المتشكك أن يغرم للمسجد الفارق بين الخُمُس والثُّمُن لعشرين سنة؟ أم أنه يكفيه أن يسلم من الآن الخمس ولا حرج عليه فيما مضى؟ والسلام.

  الجواب والله الموفق والمعين: أن ما قررته الوزارة إن كان من أجل مصلحة الوقف والمساجد فلا يلزم السائل شيء من النقص عما مضى، ويحاسب المسجد من الآن بالخمس.


(١) وذكر ذلك في حاشية شرح الأزهار ٣/ ٤٩٤.