من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب العدل

صفحة 91 - الجزء 3

القضاء والقدر

  انقسم الناس في العهد الأول في هذا الباب إلى قسمين:

  ١ - جبرية: تقول: إن الله تعالى هو الذي خلق أفعال العباد الطاعات منها والمعاصي، وشاءها وأرادها واختارها دون العباد، فلا مشيئة لهم ولا إرادة ولا اختيار. يتمثل هذا المذهب في أهل السنة والجماعة.

  ٢ - غير جبرية: ويتمثل في المعتزلة وطوائف الشيعة، ويقولون بأن العبد هو الذي فعل المعصية باختياره ومشيئته وإرادته، دون الله تعالى فلا مشيئة له فيها، ولا إرادة ولا فعل.

  هكذا أنقسم المسلمون في عهدهم الأول.

  ثم إن أهل السنة والجماعة بعد حين من الدهر تراجعوا عن ذلك المذهب لظهور فحشه، ووضوح قباحته، فصنعوا لأنفسهم مذهباً متوسطاً بين مذهبهم الأول وبين مذهب المعتزلة، فقالوا: إن العبد يفعل المعصية باختياره ومشيئته وإرادته، وأن الله تعالى هو وحده الذي خلق المعصية وشاءها وأرادها.

  وقد اتفق رأي أهل السنة على هذا المذهب، وأول من أخرجه واستدل له وحسنه أبو الحسن الأشعري في القرن الخامس الهجري.

[من صور القضاء والقدر]

  سؤال: رجل خرج من بيته يسوق سيارة جديدة وإطاراتها جديدة، وجميع ما في السيارة مضمَّن، وهو يسير في سرعة معقولة - الطبلون لا يتجاوز ٤٠ كم في الساعة - فانفجر أحد إطارات السيارة وانقلبت فمات؛ فهل موته بقضاء وقدر أم لا؟ مع ذكر قاعدة نميز بها الأفعال التي هي بقضاء وقدر وعكسها؟

  الجواب ومن الله التوفيق: أن هناك قاعدة تقول: (إن فاعل السبب هو فاعل المسبب) وهذه القاعدة صحيحة، والدليل عليها: ما ذكره الله تعالى عن أصحاب السبت ونصبهم للشباك يوم الجمعة.

  وهذا السائق هو نفسه السبب في حدوث ما حدث، وبناءً على هذا فما حصل