من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

تأثير المجتمع:

صفحة 19 - الجزء 1

  كأن ينفر منه الناس ويتهموه ولا يقبلوا منه، فيترك مذهب نفسه ويعدل إلى مذاهبهم، وهذا إذا كان العالم في ذلك المجتمع أسوة وقدوة يرجع إليه الناس ويأخذون عنه وينتفعون بعلمه.

  أما إذا كان لأهل ذلك المجتمع قدوة غيره ولا يقبلون منه ولا يأخذون عنه، ولا هو بصدد الدعوة والإرشاد لهم، فلا ينبغي له ترك مذاهبه المخالفة لهم، وما ذكرنا هو في المسائل الفرعية الاجتهادية.

تأثير المجتمع:

  من الصعب على المكلف الخروج من المذهب الذي نشأ عليه، ونشأ عليه أهله وجيرانه وإخوانه وأهل بلاده.

  فالعالم المجتهد لا يزال يتمسك بما نشأ عليه من المذاهب حتى تقهره الأدلة والأمارات، وتضطره إلى العدول إلى غيرها، وهذا واضح.

  وأوضح مثال على ذلك: أن المشركين الذين كانوا يعبدون الأصنام لم يخرجوا من مذاهبهم الخرافية إلى مذهب النور الإلهي إلا بعد عناء شديد، وجهاد طويل، و ... إلخ، وبناءً على ذلك فلا شك أن من نشأ بين أهل مذهب لا بد أن يتأثر بشيء من مذاهبهم.

[فائدة في جواز انتقال المقلد إلى مذهب إمام آخر]

  قال في المهذب: إنه لا يجوز للمقلد لمذهب الأخذ بفتوى مفت آخر، وقال: إنه مروق من الدين، انتهى بمعناه.

  قلت: ينبغي أن يكون ذلك فيمن يتنقل للتشهي والتلاعب وتتبُّع الرخص، من غير مبالاة بما كان قد التزمه من الفتوى السابقة، أما إذا كان الانتقال على غير ذلك وحصل ما يدعو إلى الانتقال فالظاهر أنه لا مانع من الانتقال والأخذ بالفتوى الجديدة.

  مثال ذلك: أن يلتزم المقلد مذهب القائلين بوجوب التوقيت، ثم عرض له أن صحب مجتهداً يقول بجواز الجمع، فلا مانع هنا من جواز الجمع مع هذا المجتهد؛ وذلك لما في مخالفته في الظاهر من الشناعة عليه.

  وقد يقع المقلد الملتزم في مضايق لا يتحملها، فلا مانع من انتقاله إلى مذهب