من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم اختلاط الوقف بغيره]

صفحة 228 - الجزء 2

[حكم اختلاط الوقف بغيره]

  قال أهل المذهب كما في الأزهار: إنه إذا اختلط الملك بالوقف لا بخالط حتى لا يتميّز ما لكل فإن المالين يصيران جميعاً للمصالح ... إلخ⁣(⁣١).

  قلت: هذه المسألة مبنية على قاعدة هي: (أن الخلط استهلاك)، وعند الاستهلاك تجب القيمة على الخالط ويملك الخالط بالخلط ذلك المال المخلوط.

  والمسألة التي ذكرنا وهي اختلاط الملك بالوقف قد حصل الاختلاط فيهما من دون خالط فبالاختلاط صار المالان مستهلكين، فيخرجان بذلك عن ملك أصحابهما، ويصيران ملكاً للمصالح العامة؛ لعدم وجود مالك لهما.

  وقد استدلّوا لذلك بحديث الشاة التي ذبحت لرسول الله ÷ من غير إذن صاحبها فلم يستطع ÷ الأكل منها، وقال لهم لذلك: إنها مغصوبة، ثم أمرهم أن يطعموها الأسارى؛ هذا معنى الرواية.

  نعم، الأولى في المسألة التي ذكرناها هو غير ما قاله أهل المذهب وهو أن يقسم المالان ومن ادعى زيادة بيَّن، ثم يأخذها.

  وهذا هو قول أهل المذهب في الملكين المختلطين بخالط، وإنما قلنا: إن هذا القول أولى لأمور:

  ١ - لأنه أقرب إلى العدل.

  ٢ - لسلامته من تفويت المالين تماماً عن المالك والموقوف عليه.

  ٣ - سلامته من إبطال الوقف وإبطال الملك.

  فإن قيل: القسمة بيع، ولا يصح بيع الوقف، مع أنه يشترط فيها التراضي بين المقتسمين ولا يصح ذلك في الوقف؛ لأن مالك الرقبة هو الله تعالى.

  قلنا: قد جاز بيع الوقف في بعض الحالات، منها: إذا بطل نفعه في المقصود، ومنها: أن يباع بعضه لإصلاح الباقي.


(١) شرح الأزهار ٣/ ٣٥١.